الثلاثاء 30 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تطبيقه فى انتخابات الزهور يفتح الباب لعصر الديمقراطية الرقمية

التصويت الإلكترونى.. من النادى إلى البرلمان

فى خطوة تعكس جدية الدولة فى مواكبة التحول الرقمى وتطوير آليات المشاركة السياسية، جاءت تجربة تطبيق التصويت الإلكترونى خلال انتخابات نادى الزهور، كبادرة جديدة لإدماج التكنولوجيا فى العملية الانتخابية، وهى التجربة التى طبقتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بالتعاون مع النيابة الإدارية.



وبالرغم من أن التجربة انطلقت فى نطاق محدود داخل ناد اجتماعى، لكنها تمثل نقطة انطلاق نحو إمكانية تعميمها فى استحقاقات دستورية أكبر، مثل انتخابات مجلس النواب المقبلة، بما يسهم فى تعزيز الشفافية، وخفض التكاليف، وزيادة معدلات المشاركة الشعبية.

وحول رأيهم عن هذه التجربة، أكد عدد من القيادات الحزبية، فى تصريحات خاصة لجريدة “روزاليوسف”، أن التجربة تشكل بداية لمسار إدخال التكنولوجيا فى الانتخابات بما يتماشى مع رؤية الدولة للتحول الرقمى، مشددين على ضرورة توفير ضمانات قوية للشفافية، مع الاهتمام برفع وعى الناخبين عبر حملات توعية شاملة لضمان تقبل المجتمع لهذا التحول الجديد.

النائب عصام هلال، وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشيوخ، الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، قال: “إن التجربة تعد خطوة بالغة الأهمية، ليس فقط لكونها تطبيقًا عمليًا لتكنولوجيا جديدة، بل لأنها بداية حقيقية لمسار طويل نحو تحديث العملية الانتخابية فى مصر”.

“هلال”، أوضح أن اختيار ناد اجتماعى مثل “الزهور” لتطبيق تجربة التصويت الإلكترونى عليه، يعد بمثابة اختبار عملى محدود المخاطر، إذ يسمح بقياس البنية التحتية التقنية فى بيئة يمكن السيطرة عليها، واكتشاف أى ثغرات محتملة قبل الانتقال إلى نطاق أوسع مثل انتخابات مجلس النواب والشيوخ.

الأمين المساعد لـ”مستقبل وطن”، تابع: “أن التجربة تتيح أيضًا فرصة لتدريب الكوادر البشرية على إدارة العملية الانتخابية الإلكترونية، وبناء بيانات واقعية حول الوقت المستغرق للتصويت، ومدى سهولة التعامل مع النظام من مختلف الفئات العمرية، إضافة إلى رصد ردود فعل الجمهور وثقته فى النتائج”.

كما لفت “هلال”، إلى أن الانتقال إلى هذا النظام محفوف بتحديات معقدة، أبرزها التحديات التقنية والأمنية المتعلقة بحماية الخوادم وقواعد البيانات من القرصنة، وضمان سرية الصوت، وحماية هوية الناخب من أى اختراق أو انتحال.

وكيل اللجنة التشريعية بـ”الشيوخ”، نوه كذلك إلى أن هناك بعدًا قانونيًا ودستوريًا لا يقل أهمية، يتمثل فى ضرورة وجود إطار تشريعى واضح يحدد مسئوليات الجهات الرقابية، وآليات الطعن والتدقيق، ويعترف بنتائج التصويت الإلكترونى كحجة قانونية، مستطردًا: “أن البنية التحتية واللوجستية تمثل تحديًا آخر، خاصة مع الحاجة لتغطية شاملة بالإنترنت، وتوفير أجهزة حديثة فى جميع اللجان الانتخابية حتى فى المناطق النائية”.

ووفق تصريحاته، يرى “هلال” أن التحدى الأكبر يكمن فى المجتمع نفسه، فالكثير من الناخبين، خاصة كبار السن والأقل تعليمًا، يحتاجون إلى الشعور بالطمأنينة تجاه نظام لا يعتمد على الورقة والصندوق التقليديين، وهنا تبرز أهمية التدرج نحو نموذج هجين يجمع بين التصويت الإلكترونى وإيصال ورقى مقروء آليًا، يتيح للناخب التأكد من صوته، ويضمن وجود إثبات مادى يمكن الرجوع إليه عند الحاجة.

واختتم الأمين المساعد لـ”مستقبل وطن”، تصريحاته، مشيرًا إلى أن نجاح التصويت الإلكترونى يعتمد على 3 عناصر أساسية، وهى الإرادة السياسية ودعم الشفافية، والتمويل الكافى، والقبول المجتمعى الذى يتحقق عبر التوعية والشفافية الكاملة، مؤكدًا أن نجاح هذه التجربة سيكون بمثابة تأسيس لعصر جديد من الديمقراطية الرقمية فى مصر.

تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل، الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، أوضح أن هذه التجربة خطوة مهمة نحو إدخال التكنولوجيا إلى العملية الانتخابية فى مصر، بما يتماشى مع توجه الدولة نحو التحول الرقمى فى مختلف القطاعات.

رئيس “إرادة جيل”، أكد أن هذه التجربة هى بداية لمسار إصلاحى متكامل، ونجاحها فى الأندية والنقابات والكيانات الصغيرة، سيمهد الطريق لتطبيقها تدريجيًا فى الاستحقاقات الكبرى، مثل انتخابات مجلس النواب والشيوخ، بما يرسخ الشفافية ويعزز ثقة المواطن فى الديمقراطية.

“التصويت الإلكترونى يمكن أن يشكل مستقبلًا واعدًا، شرط توافر البنية التحتية القوية من شبكات اتصالات وأنظمة حماية ضد أى محاولات اختراق، إلى جانب تدريب الكوادر الفنية والإدارية على إدارة هذا النمط الحديث من الانتخابات”، وذلك وفق تصريحات “مطر”.

الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، شدد أيضًا على أن تطبيق التجربة فى انتخابات مجلس النواب يتطلب دراسة شاملة تأخذ فى الاعتبار حجم العملية واتساعها الجغرافى، مع ضرورة رفع الوعى لدى الناخبين بكيفية التعامل مع التكنولوجيا الجديدة، حتى لا تشكل عائقًا أمام المشاركة الشعبية.

رئيس الحزب، أضاف: “أن ضمانات الشفافية يمكن تحقيقها من خلال إشراف قضائى كامل، وتوفير نسخ ورقية احتياطية، واستخدام أنظمة تحقق متعددة مثل الرقم القومى والرموز السرية، بما يضمن أن صوت الناخب يسجل مرة واحدة فقط”.

المهندس علاء عبدالنبى، نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، قال: “إن الحزب ينظر بجدية إلى مستقبل التصويت الإلكترونى فى انتخابات مجلس النواب المقبلة، باعتباره خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية وتطوير العملية الانتخابية بما يتواكب مع التطورات التكنولوجية، مشيرًا إلى أن التجربة التى تم تطبيقها مؤخرًا فى انتخابات نادى الزهور، تمثل نموذجًا يمكن البناء عليه ودراسته بشكل موسع، لبحث مدى إمكانية تعميمه على الانتخابات العامة.

نائب رئيس الحزب، لفت إلى أن نجاح التصويت الإلكترونى يتطلب توافر عدة ضمانات، على رأسها وجود بنية تحتية قوية قادرة على تأمين العملية الانتخابية ومنع أى محاولات للتلاعب أو الاختراق، فضلًا عن ضمان حياد الجهة المشرفة على النظام الإلكترونى.

“عبدالنبى”، أكد أن الثقافة المجتمعية تعد عاملًا أساسيًا فى هذا السياق، إذ يحتاج الناخبون إلى توعية كافية بكيفية استخدام التكنولوجيا فى الإدلاء بأصواتهم، مع توفير بدائل آمنة تضمن مشاركة جميع الفئات دون استثناء، مشددًا على أن حزب الإصلاح والتنمية يضع قضية الشفافية على رأس أولوياته، ويرى أن إدخال التكنولوجيا فى العملية الانتخابية سيكون خطوة إيجابية، إذا ما توافرت لها كل الضمانات والإجراءات اللازمة.

من جانب آخر، أكد الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبرانى ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أن نجاح التصويت الإلكترونى يعتمد بالأساس على صلابة البنية التحتية التكنولوجية، وهذا النوع من الأنظمة يعد من الأكثر استهدافًا على مستوى العالم لارتباطه المباشر بالاستقرار السياسى.

“رمضان”، شدد على أن بناء الثقة يبدأ من خلال بروتوكولات تشفير قوية ومعايير أمان عالمية، مع إجراء اختبارات دورية لاكتشاف أى ثغرات، كما يرى أن الشفافية تتطلب إتاحة النظام للمراجعة من جانب الجهات الرقابية والمجتمع المدنى، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية مؤمنة تعتمد على الهوية الرقمية للناخبين، بما يضمن نزاهة الاقتراع ويمنع التلاعب أو التكرار.

الدكتور معتز سامى، أستاذ بجامعة MSA، والمتخصص فى أمن المعلومات، قال: “إن مصر قادرة على تطبيق هذا النموذج، لكن بشرط التدرج فى التنفيذ، بدءًا من النقابات والنوادى الرياضية والجمعيات العمومية، وصولًا إلى الانتخابات العامة”.

“سامى”، أشار إلى أن الثقافة المجتمعية تمثل أحد أبرز التحديات، حيث لا يزال كثير من المواطنين يفضلون الأساليب التقليدية بسبب القلق من احتمالية التلاعب، ومن هنا تأتى أهمية الجمع بين التجارب العملية وحملات التوعية، إلى جانب تطوير تشريعات واضحة تعترف بالتوقيع الرقمى وتجرم أى تدخل غير مشروع فى النظام، لافتًا إلى أن الجامعات المصرية يمكن أن تكون مراكز بحث وتطوير فى هذا المجال، بما يمنح التجربة قوة علمية وعملية تدفعها إلى الأمام.