
د.حسام عطا
مدرسة العصفورى والنقد الاستباقى
هاتفنى المخرج المصرى الكبير شيخ مخرجى المسرح المصرى وأستاذ الأجيال سمير العصفورى، وبث لى هامسًا أمرًا أراد أن يطرحه على الشأن العام.
والعصفورى ابن عائلة مصرية عريقة عملت فى تأسيس المدارس فى بورسعيد الباسلة، وقد أكمل دور العائلة فى تعليم وتثقيف أجيال عبر نور إبداعه فى المسرح المصرى.
والعصفورى من هذا الجيل من مخرجى المسرح المصرى الذين كانوا أصحاب رأى، وشخصيات تحظى بالاحترام والتقدير من الجميع، أطال الله لنا فى عمره ومتعه بالصحة والسعادة.
الأستاذ سمير العصفورى فنان كبير، وكرامته نبض حى، وهو أيضًا من الجيل الذى علمنا أن الفنان يجب أن تبادر المؤسسات بالطلب منه كى يضىء بنور موهبته، لا أن تتركه كى يطلب هو القيام بدوره، وعهدى بالأستاذ سمير أنه لم يشكُ أبدًا ولم يطلب لنفسه شيئًا.
وقد كانت أفكاره وهواجسه وحسه الساخر محل تقدير وعمل تراكمى متصل فى كل الأنواع المسرحية، هو علامة كبرى فى الإبداع المسرحى المتصل منذ بدايته فى ستينيات القرن العشرين مع مسرحية الحلاج لصلاح عبدالصبور حتى الآن.
وقد أحسن الفنان المخرج خالد جلال صنعًا عندما أسس مدرسة فى البيت الفنى للمسرح تتبع قطاع الإنتاج الثقافى اسمها مدرسة العصفورى المسرحية، كى يعلم فيها العصفورى الأجيال الجديدة فن الإخراج المسرحى.
وما أن بدأ العصفورى باكورة عمله فى المدرسة حتى تمكن من طرح طريقته كمخرج وصانع أفكار درامية معًا، وبدأ يعد مسرحية من عالم العبث اليومى، ليصنع سخرية درامية جديدة عن الإبادة الجماعية فى غزة، وقد أطلق عليها حفلة «كاتشاب» إشارة إلى اللون الأحمر، وفيها يعرض ساخرًا لشخصية «كوكو» الجبان المتردد والذى حولته الظروف إلى سفاح دموى.
طالت التدريبات بمسرح الغد، وتوالت المهرجانات، ولا تزال المسرحية لم تعرض، ولهذا وبرقة وكرامة الكبار حافظ على مجهود فريق العمل، ونقل وضعيته فى العمل كمخرج إلى إشراف، وأسند مهمة الإخراج للمخرج أحمد صبرى.
قال لى الأستاذ: أريد أن يرى الجمهور المسرحية فقلت له هذه إذن أول مرة أكتب فيها نقدًا استباقيًا، لم أحضر التدريبات ولكن وبكل ثقة أى إبداع يحمل اسم سمير العصفورى لا بد أن يكون جميلًا وخاصًا مثله.
فهل نرى حفلة كاتشب قريبًا؟ لأنها حقًا تتعرض للإبادة والحرب، وتشتبك معها بحس ساخر من بعيد وعلى استحياء، ورغم أنها لم تقم بتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية إلا أنها قد حاولت الاشتباك والاقتراب، بينما تجاهل المسرح المصرى المأساة الإنسانية العبثية وحرب الإبادة المتوحشة والتى هى عار الإنسانية المعاصر.
أطلقوا عرض مسرحية «كاتشب» كى نستمتع بالأستاذ وتلاميذه المبدعين.