الخميس 9 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر تكتب السطور الأخيرة لإنهاء حرب غزة

حالة ترقب مع تفاؤل حذر، يعيشها الشعب الفلسطينى عقب إعلان خطة التهدئة ووقف إطلاق النار فى غزة التى طرحها الرئيس الأمريكى دونالد ترمب ووافقت عليها حركة حماس مع وجود بعض التحفظات، خاصة مع توجه وفدى حماس وحكومة الاحتلال إلى القاهرة لإجراء المزيد من النقاشات وإنهاء البنود الأخيرة، حيث يعلق الفلسطينيون آمالهم عليها بأن تفضى إلى سلام دائم وانسحاب إسرائيل من كامل أراضى القطاع.



وفيما يخص المفاوضات التى تحتضنها القاهرة مجددًا، يقول أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن المفاوضات غير المباشرة بين وفد حماس وحكومة نتنياهو ترتكز فى المقام الأول على آليات ومعايير تنفيذية للمرحلة الأولى من المقترح الأمريكي، وتتضمن من طرف حماس المطالبة بوقف تام لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلى إلى المواقع التى تواجد فيها أثناء تطبيق الصفقة السابقة، وتقييد حركة الطيران الحربى والمسيرات، وتطبيق هذه الإجراءات طيلة فترة المفاوضات، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من خلال مبدأ الأقدمية والسن.

ويتوقع الرقب أن يكون هناك تحفظ إسرائيلى محتمل، وذلك بناءً على موقفها فى الصفقة السابقة حين رفضت أسماء 50 أسيرًا بينهم قادة بارزون مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، مشيرًا إلى أن الأولوية لدى حماس وقف الحرب بشكل نهائي، وأن تكون الأولوية فى ملف الأسرى للأقدمية فى الاعتقال والسن الأكبر عند إطلاق سراح الأسرى، وتطلب رفع التحفظ الإسرائيلى عن القائمة كاملة باعتبار أن هذه الفرصة الوحيدة الباقية لتحريرهم.

أستاذ العلوم السياسية يشير إلى أن إسرائيل ترفض البدء فى أى بند قبل إطلاق سراح جميع الأسرى أحياءً وأمواتًا، وهو ما ترفضه حماس التى تطالب ربط المرحلة الأولى بالمراحل اللاحقة التى تتناول الحكم والأمن والسلاح والمعابر وإعادة الإعمار، كما تريد أيضًا إشراك السلطة الفلسطينية كشريك أساسى فى الحكم فى قضايا تتعلق بمصير القطاع، وهو ما تحفظت عليه إسرائيل التى ترفض عودة السلطة لحكم غزة بذريعة أنها تمارس التحريض عبر المناهج التعليمية وتمنح الأسرى رواتب شهرية متصاعدة حسب فترة الاعتقال.

اللواء أركان حرب حمدى بخيت، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة ومستشار مدير كلية القادة والأركان، يقول فى تصريحات خاصة لـ “روزاليوسف”: إن هناك تحفظات عديدة من قبل حركة حماس، متوقعًا أن وقت التنفيذ سيكون أطول من أى وقت مضى، فحماس فى مرحلة لا تقبل القسمة على اثنين، إما الموافقة على خطة الرئيس الأمريكى أو الإبادة الجماعية للحركة والشعب الفلسطيني. وبالتالي، ما نشهده من جلسات حوار غير مباشرة بين وفدى حماس وحكومة الاحتلال خطوة مهمة من أجل بلورة هذه الخطوات والتوصل إلى نقاط عادلة لا ترضى فقط إسرائيل بل أيضًا الشعب الفلسطينى الذى ظل مستهدفًا طوال العامين الماضيين.

ويتابع: الطاولة المصرية هى التى ستدير هذا النقاش، وهنا يعود الدور المصرى من جديد الذى ظل عقودًا خلف القضية الفلسطينية، وعدم السماح بالمساس بمقدسات الشعب الفلسطيني، فهى لن تنهى هذا النقاش دون تسوية عادلة لحقوق الشعب الفلسطيني.

بدوره يؤكد السفير السيد شلبي، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إتمام الاتفاق اليوم فى شرم الشيخ محصلة جهود مصرية دبلوماسية وسياسية من المستوى الرفيع طوال عامين من الجهود المصرية المبذولة، مؤكدًا أن ترامب، مع كل تأييده لإسرائيل، اضطر فى النهاية إلى تقديم هذه الخطوة، وأرى أن أهم بند فيها هو إيقاف الحرب وإنقاذ الشعب الفلسطينى من المجازر والمجاعة والتطهير العرقي، حيث تتضمن الخطة تفاصيل كثيرة وثغرات تحتاج إلى المناقشة والبلورة، وهو ما ستقوم به مصر من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني.

تأتى المرحلة القادمة فى غاية الأهمية وأكثر دقة واحتياجًا للتواصل والدعم الدولي، لأنها تقرر مستقبل غزة ومستقبل القضية الفلسطينية، حيث سيكون للدور المصرى أكثر من دور الوسيط بل الشريك، وسيزداد قوة ودعمًا للأشقاء فى غزة.

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، يشير إلى أن التركيز فى لقاءات القاهرة سيكون على نقاط محددة فى جدول الأعمال، أبرزها عدد الأسرى والمحتجزين إلى جانب مسألة الجثامين، مشيرًا إلى أن القضية ليست حزمة واحدة بل مجموعة من إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، ناهيك عن أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق إنجاز سياسى سريع، لكنها فى الوقت ذاته تواجه معضلة انعدام الثقة.

ويضيف: “هناك خطابان لكل طرف، خطاب للإعلام وآخر للمفاوضات، أما لغة التحذير التى يطلقها المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون فهى موجهة بالأساس لجمهورهم الداخلي، بينما تسير المفاوضات فى مسار مختلف”، لافتًا إلى أن الأولوية الآن لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين وسحب بعض القوات الإسرائيلية تدريجيًا، ناهيك عن أن الخرائط الخاصة بالانسحابات جاهزة، لكن التنفيذ يتطلب وقتًا وتوافقًا ميدانيًا.

أما عن دور القاهرة كوسيط رئيسي، يؤكد أن مصر، إلى جانب قطر وتركيا، تمارس ضغوطًا على حركة حماس لتجاوز المرحلة الأولى من الاتفاق وفتح مسار تفاوضى جديد مع ضمانات سياسية بألا تعود الحرب مرة أخرى، مضيفًا أن القاهرة تسعى لإيجاد شريك فلسطينى على الأرض من خلال لجنة الإسناد المجتمعى بالتنسيق مع الأردن الذى يشارك فى تدريب عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.