
أكرم السعدنى
ما لم يكتبه السعدنى: الولد الشقى فى المنفى
عندما أشعر بالملل أرجع إلى كتب الولد الشقى السعدنى الكبير ففيها علاج للنفس الحزينة فلو أن سيدة فقدت زوجها ووقع فى يدها كتاب الولد الشقى الجزء الأول الذى يتناول فيه حكايات الطفولة فى حارة سمكة فإن المرأة الحزينة ستدخل فى غيط من البهجة!
وهكذا فإنى وحسب حالتى النفسية يقع اختيارى على ما يناسبها من كتب السعدنى هذه الأيام وجدتنى فى حاجة إلى مراجعة سنوات الغربة المؤلمة والتى رغم شدة قسوتها لم يغفل السعدنى الجانب المضىء فيها بل إنه اخترعه لكى يجمل لنفسه الصورة التى كانت كما العتمة أو النفق الذى يغلفه السواد ولا شىء سواه. استعرضت الرحلة واسمحوا لى أن أضيف إليها ما لم يذكره السعدنى على الإطلاق حرصًا منه على صداقات عمر أو لكى يستر على أُناس أثبتت الأيام أنهم من الأندال .وقد بدأت رحلة السعدنى التى سطرها فى كتابه الولد الشقى فى المنفى بالذهاب الى الأراضى المقدسة حيث كانت السبيل الوحيد للخروج من مصر بصحبة صديق السعدنى الذى تعرف عليه فى بداية خمسينيات القرن العشرين وهو المهندس عثمان أحمد عثمان وهناك بدأ السعدنى يتنسم رياح الحرية للمرة الأولى فقد أنهى فترة حكم بالسجن عامين متهمًا بمحاولة قلب نظام حكم الرئيس أنور السادات. كان السعدنى هو المتهم الوحيد ضمن ما عرف بمراكز القوى الذى اعترف بالتهمة أمام النيابة وعندما سأله المحقق ممكن تدلى بتفاصيل المؤامرة والأدوات المستخدمة
ساعتها طلب السعدنى الأذن له بالتدخين ومنح المحقق سيجارة فرفض فى البداية وبعدها حلف السعدنى بالطلاق لازم يشرب معاه وأشعل له السيجارة ولنفسه وسحب أنفاسًا عميقة.. وهنا سأله المحقق أن يدلى بشهادته فوضع السعدنى علبة السجاير الكليوباترا والولاعة الرونسون وأخرج قلم باركر وقال للمحقق: أدى كل الأسلحة أمام سيادتك.
فضحك وقال له يا أستاذ محمود أنا لازم أقفل التحقيق وهنا قال السعدنى أنا أسلحتى فى الحياة القلم ده ولسانى وعلى الطلاق ما أعرف أستخدم أى أسلحة تانية وبعدها جاء الدورعلى السعدنى ليسأل المحقق:
بذمتك دى أسلحة تقلب صفيحة زبالة.. وبعد التحقيقات الأولية ظهر محقق آخر تبنى الاتهامات وسجن السعدنى خمس سنوات بالتمام والكمال على جريمة لا يمكن لصحفى أن يرتكبها ولكنه غضب السلطة من نكت السعدنى وأيضًا الوهم الذى عشش فى عقل عمنا الأكبر محمد حسنين هيكل بأن السعدنى لعب دورًا أساسيًا فى المؤتمر الذى شهدته جريدة الأهرام لأعضاء التنظيم الطليعى بها للإطاحة بالأستاذ هيكل وظن عمنا هيكل أن السعدنى طمعان فى رئاسة تحرير الأهرام مع أن العم هيكل سبق واستدعى اتنين من النابهين فى مجلة صباح الخير وهما السعدنى وصلاح جاهين لكى يصدرا معا المجلة التى لم تر النور على الإطلاق واقترح أن يسميها أبوالهول وضحك السعدنى ومعه جاهين، وسأل هيكل عن سر الضحكات المجلجلة فقال: السعدنى ده أشهر صامت فى الكون والاسم تقيل قوى يا عمنا، وأيد جاهين رأى السعدنى ولكن هيكل كان له رأى مخالف حين قال: الأهرام نفسه اسم صعب قوى يبقى جورنال يومى لكن مع الوقت الناس بتاخد عليه.
وللحكاية بقية.