نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»

الشرقية - مى الإزمازى
«رغم تقدمى فى العمر، فإننى على استعداد لحمل السلاح مرة أخرى والدفاع عن الوطن»، قالها بكل حماس أحد أبطال نصر اكتوبر محمد هاشم نوح البالغ من العمر 76 عامًا، الذى كان صف ضابط بسلاح الدفاع الجوى أثناء حرب 73 المجيدة.
البطل الذى يسكن قرية غزالة الخيس التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، لا يزال يحمل فى ذاكرته تفاصيل أيام صنعت تاريخ مصر الحديث، يسترجعها ويقول« كنا فى استعداد نفسى وفنى كامل نتلقى تدريبات مكثفة بالذخيرة الحية بشكل مستمر إضافة إلى الندوات التثقيفية التى كانت تهيئنا للمعركة المرتقبة وكنا دائمًا على أهبة الاستعداد».
«فى صباح السادس من أكتوبر، وتحديدا عندما كانت تشير عقارب الساعة نحو التاسعة جاء قائد الفوج وأخبرنا أن الحرب ستندلع اليوم دون تحديد موعد فارتفعت هتافات المقاتلين (الله أكبر.. الله أكبر) بأعلى صوت، لكن كان لدى قادة الجيش مظروف محدد بداخله ساعة الصفر لبدء الهجوم لا يمكن فتحه الا فى توقيت معين حتى تظل سرية العملية محفوظة»، يواصل البطل الشرقاوى سرد ذكرياته فيقول« فى سماء المعسكر ومع حلول الساعة الثانية إلا خمس دقائق فوجئنا بالطائرات المصرية تعبر القناة وتبدأ المعركة، كنا متحمسين ومتهيئين للقتال وكل دبابة أو طائرة معادية كنا نواجهها بكل قوة حتى استطاعت قواتنا المصرية تكبيد العدو خسائر فادحة، وعمت الفرحة وطننا لحظة إعلان انتصارنا على العدو».
يتذكر نوح معركة السابع من أكتوبر حين اشتبكوا مع 4 طائرات فانتوم وأسقطوا اثنتين منها، مؤكدًا أن روح التحدى كانت تزداد كلما حاول العدو استهداف مواقعهم، وعقب هذا الهجوم أخبرهم قائد الكتيبة أن العدو متربص لهم بعد إسقاطهم الطائرتين، وشدد عليهم أن يظلوا منتبهين وعلى أهبة الاستعداد الكامل.
أما فى يوم التاسع عشر من أكتوبر فقد تعرض موقعه لغارة جوية استمرت نحو 20 دقيقة وصفها بأنها من أعنف الغارات، وتمكن خلالها أبطال الدفاع الجوى بمشاركة القواعد المجاورة بالمنطقة من إسقاط 9 طائرات معادية منها 3 طائرات استطاعت القاعدة التى ينتمى لها إسقاطها.
يقول البطل: «لم نخش الموت أبدًا وكان شعارنا النصر أو الشهادة» والتى نعتبرها شرفًا، وكانت سعادتنا تبلغ ذروتها عندما نرى أسراب الطائرات المصرية تعبر إلى سيناء فترتفع معنوياتنا إلى أقصى درجاتها”.
محمد نوح يستعيد ذكرى إنسانية مؤثرة حين شاهدوا طيارًا يسقط بمظلته، وتبين أنه مصرى وكان يرتدى زيًا أخضر اللون، ويصف اللحظة قائلًا«عندما فتح أحد الضباط سترته ووجدنا مكتوبًا بداخلها لا إله إلا الله محمد رسول الله، علت هتافات الله أكبر بين الجنود، وكانت لحظة فخر لا تُنسى وقمنا بإسعافه».
وبمشاعر الفخر يتحدث عن معركة «العبيد» قرب السويس بعد خرق العدو لقرار وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر، حيث واجهت القوات المصرية هجومًا شرسًا، وتمكنت من التصدى له.
وعن صيام رمضان خلال الحرب قال نوح «رغم الفتاوى بالإفطار للمقاتلين، اخترت الاستمرار فى الصيام داخل الدبابة، لأن عملى لم يكن مرهقًا بدرجة تمنعنى من الصيام، وزملائى أيضا تمسكوا بالصيام طوال الشهر الكريم».
ويوجه البطل رسالة للشباب بقوله«أتمنى من هذا الجيل أن يطالع قصص وتضحيات أبطال أكتوبر، ليدرك أن ما نعيشه من أمن وسلام لم يأتِ من فراغ بل بفضل دماء سالت وأرواح قدمت فداءً لمصر، ورغم تقدمى فى العمر، فإننى على استعداد لحمل السلاح مرة أخرى والدفاع عن الوطن».