
د. محمد رضا عوض
ذكرى الانتصار المجيد.. والدروس المستفادة
تحتفل مصر وقواتها المسلحة فى هذه الأيام الخالدة بذكرى حرب نصر أكتوبر الذى سيظل يومًا خالدًا فى تاريخ النضال الوطنى، أعاد للعسكرية المصرية مجدها وعزتها وكرامتها وهيبتها وشموخها, وللأمة اعتبارها.
لقد عاصرت وشاركت فى هذه الأحداث التاريخية من انكسار ثم صمود ثم الانتصار العظيم فى السادس من أكتوبر 1973، عبر جيشنا المصرى الباسل قناة السويس، وأنهى أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى ظن أنه لا يقهر.
فقد اقتحم جيشنا الباسل خط بارليف المنيع الذى أقامه العدو الصهيونى على الضفة الشرقية لقناة السويس ليفصل به أرض سيناء الغالية عن بقية أرض مصر, والذى قيل عنه إن أى جيش لا يستطيع اقتحامه إلا إذا استعان بقنبلة ذرية, ولكن جنود مصر البواسل وبعد فترة زمنية من التدريب المتواصل والجهد الشاق والخبرات التى استعان بها جيشنا الباسل فى مرحلة الصمود بعد النكسة التى حدثت عام 1967، ثم حرب الاستنزاف، والتى شملت معارك شبه يومية بين قواتنا وقوات العدو بهدف استنزاف قوته وبث الرعب فى صفوفه، وبعد التحضير والتنظيم والتدريب الشاق المستمر الممتاز لقواتنا المسلحة من القوات البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوى والقوات الخاصة من الصاعقة والمظلات والتدريب المستمر الشاق لكيفية اختراق حاجز الرمال المنيع, والذى بلغ ارتفاعه 20 مترًا، وذلك باستعمال ماكينات ضخ الماء العملاقة, لشق فتحات فيه لإقامة الكبارى لعبور القوات والمدرعات وأيضاً إيقاف عمل أنابيب النابالم والتى ستحول قناة السويس إلى جحيم إذا تم استعمالها، وذلك بالضفادع البشرية من القوات البحرية, واستعمال اللغة النوبية فى الشفرة لتضليل العدو, ثم خطة الخداع الكبرى لتضليل العدو عن موعد الهجوم أو (ساعة الصفر) بالاصطلاح العسكرى.
وأخيرًا تم اتخاذ القرار الحاسم ببدء المعركة والذى اتخذه الرئيس محمد أنور السادات. ففى تمام الساعة الثانية ظهرًا يوم العاشر من رمضان, انطلقت نحو مائتى طائرة تدك قواعد قيادة العدو والمطارات وقواعد الرادار والاتصالات فى سيناء لشل حركة العدو, وبدأت نيران المدفعية المصرية بدك مواقع العدو والنقاط الحصينة لخط بارليف، وتم عمل ثغرات فى الساتر الرملى لإقامة الكبارى وعبور المدرعات إلى أرض سيناء, وقامت فرق المشاة والمدرعات بالاشتباك مع قوات العدو وتدميره وأسر عدد كبير من الضباط والجنود الصهاينة وعلى رأسهم عساف ياجورى, وقامت قوات الدفاع الجوى بإسقاط عدد كبير من طائرات العدو التى حاولت شن الهجوم المضاد لإيقاف تقدم قواتنا المسلحة.
وقامت قواتنا البحرية بإغلاق مضيق باب المندب وهو المدخل الجنوبى للبحر الأحمر لمنع مرور سفن العدو، وكذلك الهجوم على قواعد العدو البحرية فى سيناء وغلق أنابيب النابالم فى اليوم السابق للمعركة، وقامت قواتنا الخاصة ومنها قوات المظلات بالهبوط خلف قواعد العدو لتشتيته وتعطيل الهجوم المضاد على قواتنا المسلحة، وتم عبور وحدات الجيشين الثانى والثالث إلى أرض سيناء الغالية.