فن ما بعد الحروب

أحمد رزق
يقف الفنانون أمام الحروب - فى أى زمان ومكان - وما يرونه من مشاهد قسوة وظلم المعتدى وقهر المعتدى عليه يقفون أمام الأحداث ليتأملوا المشهد ليستخرجوا منه لآلئ فنية خالدة توثق ما يمر به العالم من يأس وألم لتكون لوحاتهم شهادة وصرخة إنسانية فى وجه الحرب وما يعنيه من إبادة روحية للبشر.
وباستعادة تاريخ الفن أثناء الحروب نجد أشهر وأعظم الفنانين قد خلدوها فى أعمالهم، فهذا «فرانشيسكو دى جويا» ولوحاته الشهيرة «الثالث من مايو» والتى رسم فيها المدنيين الأسبان أثناء إعدامهم على يد القوات الفرنسية أما «باولو أرتشيللو» فسجل معركة «سان رومانو» بطريقة وثائقية.
الفنان الإسبانى الأشهر «سلفادور دالى» فقد رسم الحرب بطريقته السريالية الخاصة وأشهر لوحاته «وجه الحرب» والتى تصور وجها بلا جسد فى صحراء واسعة فى صرخة إنسانية فى وجه وحشية المستعمر.
لعل لوحة «جورنيكا» أشهر لوحة تعبر عن مأساة الحروب والتى أبدعها «بابلو بيكاسو» مؤسس المدرسة التكعيبية بعد تعاطفه المر لقصف المدينة خلال الحرب الأهلية الإسبانية - دولته الأم - وتعتبر هذه اللوحة رمزًا أيقونيًا لمأساة الحرب ومعاناة المدنيين.
وعن حرب غزة شارك فنانون كثر فى تصوير التدمير النفسى والمادى للشعب الفلسطينى فى مأساة إنسانية غير مسبوقة، فنانون من كل عواصم العالم صنعوا لوحات تسجل هذه الأحداث ومن الفنانيين الفلسطينيين صور «ميسرة بارود» لوحات ورسوم عبرت عن مشاهداته الواقعية لما رآه وعاينه بنفسه.
أما فن الحروب فى مصر فقد ظهر مع بداية التاريخ فظهرت لوحات ورسوم المعارك العسكرية من زمن بعيد فى نقوش قديمة تصور ملوك مصر وانتصاراتهم العسكرية فى نحت بارز وغائر وأشهر تلك النقوش انتصارات الملك نارمر وتسجيلها على «صلاية نارمر».. امتدت انتصارات الجيش المصرى لتظهر جلية بعد انتصارات أكتوبر المجيدة ليصورها الفنان المصرى بمشاعر الفرحة نحتًا وتصويرًا. ربما لا يشترك الفنان فى الأعمال الحربية لكنه بالطبع يشارك وطنه أفراحها وآلامها، وهو الدور الحقيقى للفنان فى توثيق الأحداث المهمة والذى يجيده ويبرع فى أدائه.