الأحد 9 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المتحف الكبير والفرعون الذهبى

المتحف الكبير والفرعون الذهبى

أبهرت مصر العالم أجمع فى مطلع هذا الأسبوع عندما قام الرئيس عبدالفتاح السيسى ومعه 79 من رؤساء ومندوبى دول العالم بافتتاح المتحف المصرى الكبير المليء بالكنوز الأثرية التى تعكس تاريخ الحضارة المصرية العريقة. يقع المتحف المصرى الكبير فى منطقة الجيزة، على بعد حوالى 2 كيلومتر من أهرامات الجيزة، ويُعتبر موقعًا استراتيجيًا يربط بين المتحف والأهرامات ويضم حوالى 100 ألف قطعة أثرية، ويعتبر أكبر متحف فى العالم للآثار المصرية حيث يُقدم للزوار فرصة لاستكشاف الحضارة المصرية القديمة والتعرف على تاريخها وثقافتها وينافس متاحف اللوفر بباريس والمتحف البريطانى بلندن والمتروبوليتان بنيويورك والارميتاج  ببطرسبرج بروسيا .



من أبرز محتوياته مجموعة الملك الذهبى الشاب توت عنخ آمون والتى تم اكتشافها فى 4 نوفمبر 1922 عندما كان عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدى إلى قبر رمسيس السادس فى وادى الملوك لاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التى تضم ضريح توت عنخ آمون، وفى 16 فبراير 1923 كان هوارد كارتر أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ بقدمه أرض الغرفة التى تحوى كنوزًا وتابوت توت عنخ آمون. وأحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق عالميا. تعد مقبرة الملك الفرعونى توت عنخ آمون وكنوزها أيقونة لمصر ولايزال اكتشافها أحد أهم الاكتشافات الأثرية حتى الآن، وذات شهرة عالمية لأنها المقبرة الملكية الوحيدة بوادى الملوك التى تم اكتشاف محتوياتها سليمة وكاملة. ومقبرة الفرعون الصغير ضمت رغم صغرها خمسه آلاف وثلاثمائة وثمانى وتسعين قطعة تشمل القناع الذهبى الرائع وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص. وتلك المحتويات، توضح كيف كان القبر الملكى يجهز ويعد، فهناك أمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب، ثم مجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية، وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر، وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وآخر من النحاس. هذه القطع تعكس أيضا نمط الحياة فى القصر الملكى، وتشمل الأشياء التى كان توت عنخ آمون سيستخدمها فى حياته اليومية فى العالم الآخر، مثل الملابس والمجوهرات ومستحضرات التجميل والبخور والأثاث والكراسى والألعاب والأوانى المصنوعة من مجموعة متنوعة من المواد والمركبات والأسلحة وغيرها وكل هذه المحتويات الآن معروضة فى عرض رائع فى قاعة فخمة بالمتحف الكبير، وتكشف أيضا عن عظمة الحضارة المصرية القديمة وما وصلت إليه من مستوى صناعى وفنى رفيع.

وتوت عنخ آمون هو أحد فراعنة الأسرة القديمة، وكان فرعون مصر من 1334 ق.م إلى 1325 من الأسرة الثامنة عشرة فى تاريخ مصر وهو ابن الملك إخناتون (أمنحتب الرابع). 

وقد أثير الجدل حول اكتشاف المقبرة، وتقول بعض المصادر إن أول من كشف عن مدخل مقبرة توت عنخ آمون عن طريق الصدفة ودل كارتر عليه هو الطفل حسين عبد الرسول والذى كان يعمل ضمن عمال الحفر عندما وجد درجة سلم فرعونية، وبدأ كارتر الحفر فى هذا المكان، حيث وجد 16 درجة جديدة، ثم أدخل رأسه فى نافذة المقبرة ومعه مصباح من الغاز، وقال جملته الشهيرة «اليوم هو يوم الأيام»، ويقال أيضا إنه من شدة سعادة «كارتر» بالكشف الأثرى وبالدور الذى لعبه الطفل حسين عبد الرسول، ألبسه إحدى قلائد الملك توت عنخ آمون الذهبية، وأمر مصوره الخاص بأن يلتقط له صورة بالقلادة، وما زالت هذه الصورة تزين منزل عائلة «عبد الرسول» حتى الآن. وبهذه المناسبة يجب أن نذكر الدور الذى لعبه المسئولون بالدولة وعلى رأسهم مرقص حنا باشا وزير الأشغال وكانت الآثار تتبعه إداريا، فى الحفاظ على المقبرة من النهب، حيث فرض حراسة مشددة فور اكتشافها وجعل ضباطًا مصريين يفتشون الداخل والخارج منها حتى هوارد كارتر نفسه، كما أمر بتسجيل محتويات المقبرة ونقلها تحت حراسة مشددة من الشرطة المصرية للمتحف المصرى فى القاهرة لضمان تأمينها وسلامتها. وهكذا فعل الملك توت أكثر مما فعل جميع رفاقه الفراعنة وهو إلقاء الضوء على عظمة الحضارة المصرية وما وصلت إليه من مستوى صناعى وفنى رفيع واجتماعى غير مسبوق فى دول العالم وأيضا تعزيز الدراسة الحديثة والاهتمام بالتاريخ المصرى القديم. هذا الافتتاح الذى سيحدث طفرة غير مسبوقة فى قطاع السياحة لبلدنا الحبيبة مصر أم الدنيا.

وتحيا مصر.