حوافز ضريـبية تفتح أبواب الاستثمار
إسلام عبد الرسول
فى خطوة مهمة لتعزيز مناخ الاستثمار، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة للإسراع فى الكشف عن حزمة التيسيرات الضريبية الثانية، التى تهدف إلى تسريع وتيرة النمو الاقتصادى ودعم بيئة الأعمال فى البلاد.
الحزمة الجديدة، التى أعلنت عنها الحكومة نهاية الأسبوع الماضى، جاءت لتوفر حلولًا مبتكرة للمستثمرين والشركات، وتضمن تسهيلات ضريبية غير مسبوقة لتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، فى وقت تشهد فيه البلاد تحولات اقتصادية كبرى.
وتُعد الحزمة استكمالًا للجهود الحكومية المستمرة لتحسين النظام الضريبى، تشمل مزايا متعددة للممولين الملتزمين، وتستهدف توسيع قاعدة الاستثمارات عبر خفض الأعباء الضريبية وتبسيط الإجراءات.
ويؤكد الخبراء أن هذه التسهيلات ستساهم بشكل كبير فى تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة، إلى جانب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز التنافسية فى الأسواق المحلية والعالمية.
وفى هذا السياق، شهدت تصريحات المسئولين عن الحزمة إشادة واسعة من المستثمرين ورجال الأعمال، الذين اعتبروا التيسيرات خطوة نحو تحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى.
جذب الاستثمارات
يقول د.محمد البهى، رئيس لجنة الجمارك والضرائب باتحاد الصناعات، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»: إن صدور تلك الحوافز سيسرع وتيرة نمو الاقتصاد وسيعمل على جذب الاستثمارات، حيث خلقت تلك الحالة - وهى رغبة الحكومة فى إزالة المعوّقات - حالة من الثقة والارتياح بين المستثمرين والشركات.
يضيف أن تلك الحزم ستسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى السوق، وبالتالى تحقيق فرص تصنيع أعلى.
من جانبها كشفت الحكومة عن الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية التى تأتى فى إطار «استراتيجية متكاملة للتيسير على المجتمع الضريبى».
قال وزير المالية أحمد كجوك: إن هذه الحزمة تستهدف تلبية طلبات المستثمرين، وتعزيز الشراكة والمساندة مع كل الممولين؛ بهدف توسيع القاعدة الضريبية.
وأضاف الوزير: إننا نجحنا مع شركائنا فى «الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية»، وأن النظام الضريبى المبسط والمتكامل مستمر للأنشطة التى لا يتجاوز حجم أعمالها ٢٠ مليون جنيه سنويًا، لافتًا إلى أنه يتم التنسيق مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لتحفيز أول ١٠٠ ألف ممول ينضمون للنظام الضريبى المبسط والمتكامل، وكذلك التعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتشجيع رواد الأعمال على الانضمام للقاعدة الضريبية ومساعدتهم على التوسع والنمو.
كما أوضح وزير المالية أن «الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية» تستهدف مساندة شركائنا من الممولين الملتزمين والدائمين بعدد كبير من المزايا، بما فى ذلك استحداث «قائمة بيضاء» و«كارت تميُّز»، وأولوية فى الحصول على الخدمات المتخصصة، وحوافز إضافية للممولين الملتزمين، موضحًا أنه ستتم إعادة هيكلة إدارات «رد ضريبة القيمة المضافة» لتبسيط وتسريع الإجراءات لتوفير السيولة لدى شركائنا، مع الرد السريع للضريبة خلال أسبوع للمنضمين للقائمة البيضاء، ومضاعفة عدد الحالات والمبالغ المالية.
إنهاء المنازعات
وتابع الوزير: نقترح تجديد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية، ونستهدف فى الوقت نفسه تحسين اللجان الداخلية ولجان إنهاء المنازعات لضمان سرعة حل المشاكل، لافتًا إلى أنه سيكون هناك تعديل تشريعى لإعفاء توزيعات الأرباح للشركات المصرية التابعة للشركة القابضة المقيمة بمصر.
حوافز لتنشيط البورصة
وتضمنت الحزمة ـ وفقًا لكجوك ـ التحول إلى ضريبة الدمغة بدلًا من الأرباح الرأسمالية لتحفيز الاستثمار المؤسسى فى البورصة المصرية.
كما سيتم - بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية ـ منح مزايا ضريبية لتحفيز قيد الشركات بالبورصة لمدة 3 سنوات، مع ضمان تحقيق تحسن ملموس فى حجم التداول وزيادة الاستثمارات.
وأضاف الوزير: سيكون هناك منصة إلكترونية للمشورة مع المجتمع الضريبى لتحقيق أكبر قدر من «شراكة الثقة»، وكذلك منظومة إلكترونية لإنهاء كل حالات تصفية وإغلاق الشركات فى أسرع وقت ممكن، لافتًا إلى الفصل بين «الفحص التجارى» وفحص «تسعير المعاملات»، واستحداث مرحلة جديدة للنظر فى طعون الممولين.
سهولة تسجيل العقارات
لفت كجوك إلى أنه سيكون هناك «موبايل أبليكشن» للتصرفات العقارية للإخطار وسداد قيمة الضريبة المستحقة بسهولة، مع إقرار ضريبة 2.5% من قيمة بيع الوحدة للشخص حتى إذا قام بأكثر من تصرف عقارى، مشيرًا إلى أنه يحق للممولين والمكلفين استرداد الرصيد الدائن من واقع الإقرار الضريبى لتوفير السيولة، مع السماح بإجراء «المقاصة» بين الأرصدة الدائنة والمدينة للممولين والمكلفين لتيسير سداد الأعباء الضريبية.
وأكد الوزير أن هناك دليلًا إرشاديًا بشأن المعاملة الضريبية للخدمات المُصدَّرة لمساندة هذه الأنشطة التصديرية فى الأسواق الدولية، مشيرًا إلى أنه سيتم العمل على إجراء تعديل تشريعى فى قانون الإجراءات الضريبية الموحّد للسماح بإصدار بطاقة ضريبية مؤقتة لمدة ٤ أشهر من أجل تسريع إجراءات تأسيس الشركات.
كما وضعت وزارة المالية حلًا لتوحيد المعاملة الضريبية على الخدمات المصدّرة لتكون «صفر ضريبة».
دعم القطاع الصحى
ستتضمن الحزمة تشريعًا جديدًا بخفض ضريبة القيمة المضافة على الأجهزة الطبية من 14% إلى 5% فقط، وإعفاء مدخلات الأجزاء ولوازم أجهزة «الغسيل الكُلوى» و«مرشحات الكُلى» من ضريبة القيمة المضافة، وزيادة مدة تعليق أداء ضريبة القيمة المضافة إلى 4 سنوات للآلات والمعدات والأجهزة الطبية؛ لتعزيز الاستثمارات.
لا أعباء ضريبية جديدة
يقول شريف الكيلانى، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية: إن الحزمة ركزت على دعم المواطن والاستثمار، حيث لا تتضمن أى زيادات فى الأعباء الضريبية سواء كانت مالية أو إدارية.
ويؤكد «الكيلانى» أن الحزمة ستعمل على تبسيط التشريعات وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين، مما يدعم القاعدة الضريبية.
ويتابع: خفض ضريبة القيمة المضافة على المعدات الطبية من 14% إلى 5% يهدف إلى تخفيف العبء على المرضى وتقليل تكلفة الخدمة العلاجية، وكذلك الإعفاء الكلى لمرشحات الكُلى المستخدمة فى حالات الفشل الكلوى نظرًا لارتفاع تكلفتها واحتياج المرضى لرعاية مستمرة.
تسهيلات غير مسبوقة
من جانبه يؤكد الدكتور محسن الجيار، مدير مركز الاتصالات المتكامل بمصلحة الضرائب، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»، أن التيسيرات الضريبية تدعم توجهات مصلحة الضرائب لدعم الممولين والاستثمار، مما يحقق فى النهاية حالة من الرضا ويحسن الصورة الذهنية.
ويشير إلى أن وزير المالية يرسِّى قاعدة جديدة من التعامل بين مصلحة الضرائب والممولين، وهو ما تحقق فعليًا على الأرض.
من جانبه يوضح أشرف عبد الغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بإطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التى تهدف إلى مساندة الملتزمين ضريبيًا ستؤدى إلى طفرة فى الاقتصاد القومى والحصيلة الضريبية، وتساهم فى زيادة الامتثال الضريبى وتعزيز الالتزام الطوعى وتحفيز الاستثمار.
ويتابع: الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تأتى تحت عنوان مساندة وتحفيز الالتزام الضريبى، وذلك يعكس فكرًا جديدًا يطبق لأول مرة لمساندة الممولين الملتزمين الذين يوفرون 87% من إجمالى الإيرادات الضريبية.
ويلفت إلى أن الحزمة الثانية تحقق عدة مزايا منها زيادة الالتزام بالامتثال الطوعى، ومساعدة رجال الأعمال على النمو ودعم المنافسة وتوفير السيولة للشركات لضخ مزيد من الاستثمارات.
يتوقع «عبدالغنى» أن تحقق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية نتائج إيجابية تضاف إلى النتائج المبهرة التى حققتها الحزمة الأولى من التيسيرات الضريبية، التى ساهمت فى ارتفاع الحصيلة الضريبية فى العام المالى 2024/2025 إلى 2.2 تريليون جنيه بنسبة نمو تاريخية بلغت 35% دون فرض أعباء ضريبية جديدة.
ولتنشيط سوق المال، يقترح خفض ضريبة الدمغة على الأسهم المقيدة فى البورصة لتتراوح بين 0.5 فى الألف إلى 1.25 فى الألف، وبالنسبة للأسهم غير المقيدة فى البورصة طالب بتعريف واضح ومعايير محددة لحساب تكلفة الاقتناء.
ودعا مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية إلى احتساب المساهمة التكافلية على صافى الأرباح وليس على مجمل الإيرادات، وإلغاء ضريبة توزيعات الأرباح منعًا للازدواج الضريبى.









