العدالة التكنولوجية الأكثر شفافية
مروة مصطفى
فى السنوات الأخيرة، دخل القضاء المصرى مرحلة تحول هى الأعمق منذ عقود، بعدما بدأت الدولة تنفيذ مشروع رقمنة منظومة التقاضى كجزء من استراتيجية التحول الرقمى، إذ اتجهت المحاكم المصرية نحو نموذج جديد يقوم على الأرشفة الإلكترونية، وتقديم الدعاوى عبر الإنترنت، وتفعيل التوقيع الإلكترونى للقضاة، فى خطوة هدفت إلى تحقيق عدالة أسرع وأكثر شفافية، وتقليل التكدس داخل ساحات المحاكم.
ولم يعد مشروع الرقمنة تجربة محدودة، بل أصبح واقعًا يتوسع عامًا بعد عام، فقد تم تجهيز 26 قاعة للاتصال المرئى فى عدد من المحاكم لتمكين جلسات التقاضى عن بُعد، لتسهيل النظر فى القضايا، خاصة فى محاكم تستدعى حضور المتهمين، علاوة على تفعيل التوقيع الإلكترونى لـ 272 قاضيا، وهو ما يسمح بإصدار أحكام رقمية مؤمنة، كما تجاوزت نسبة القضايا التى ترفع وتدار إلكترونيًا داخل المحاكم لـ %80 فى عدد من المحافظات، من خلال منصة رقمية تتيح تسجيل الدعوى، وسداد الرسوم، ورفع المستندات، والتقاضى عن بُعد ومتابعة الجلسات حتى صدور الحكم.
هذا التطور لا يقتصر على الجانب التقنى فقط، بل يمتد إلى البنية القضائية نفسها، فقد تم ربط المنصة القضائية الإلكترونية مع جهات متعددة مثل هيئة الاستثمار، السجل التجارى، الضرائب، والشهر العقارى، بما يسرع تنفيذ الأحكام خاصة فى القضايا التجارية والاستثمارية. ويرى المستشار محمد يحيى السداوى مستشار بالمحكمة الاقتصادية، أن الرقمنة ليست مجرد تحديث تقنى، بل إعادة هندسة كاملة لمنظومة التقاضى، حيث إن المشروع يسير فى الاتجاه الصحيح، مشددًا على أن العدالة الرقمية لن تتحقق بصورة كاملة إلا عندما تصبح كل المحاكم بما فيها الجنائية والجنح جزءًا من المنظومة الإلكترونية، حتى يشعر بها المواطن العادى كما يشعر المستثمر ورجل الأعمال. فيما قال المستشار محمد خالد عيسى، بمحكمة استئناف القاهرة، إن الرقمنة «بوابة» لسرعة الفصل فى المنازعات، موضحًا أن المنظومة يتم تعميمها على جميع محاكم الجمهورية، حيث إن التحول الرقمى سيتوسع ليشمل كل المحاكم خلال فترة قصيرة، حيث ارتفعت نسبة الدعاوى المرفوعة إلكترونيًا، علاوة على تسريع إجراءات التنفيذ بسبب الربط الإلكترونى بين النيابة العامة والمحاكم والجهات الإدارية، فضلًا عن أن الرقمنة قللت كثيرًا من بطء الإجراءات وتعقيد الأوراق، كما سهلت «التوثيق والأرشفة والحفظ»، مما يقلل ضياع أو تلف أوراق أو صعوبة البحث فى قضايا قديمة، وأسهمت فى ترسيخ الشفافية من خلال نظام مركزى لإدارة القضايا.









