الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من البطالة إلى العمل بأجر عادل.. حكايات إنسانية من داخل الغزل والنسيج

الدولة تُحول أُسر «تكافل وكرامة» إلى قوة عمل مُنتجة

لم تكن إعانة مبادرة «تكافل وكرامة»، سوى خطوة أولى، لكنها وحدها لم تكن كافية لتغيير واقع أسر أنهكها الفقر وقيّد أحلامها، فخلف كل بطاقة «تكافل وكرامة» حكاية كفاح، وأم تتمنى دخلاً ثابتًا، وشاب يبحث عن فرصة عمل تحفظ كرامته، فكانت جهود الدولة للتحول التدريجى من الدعم إلى التمكين، بإكساب المهارات وإتاحة فرص العمل الدائم.



كأن الدولة تنتهج استراتيجية «لا تعطنى سمكة بل علمنى كيف أصطاد»، فقد بدأ الدعم يأخذ مسارًا مختلفًا، يتمثل فى الجمع بين الدعم النقدي، للمساعدة على مواجهة أعباء الحياة، وفى السياق ذاته إكساب أسر «حياة كريمة»، مهارات وإتاحة فرص العمل لهم لتحويلهم إلى أسر منتجة بما يكفل لهم دخلًا مستدامًا بحد أدنى عادل للأجر.

 شهدعام 2025، بدء جنى ثمار بعض مشروعات التمكين الاقتصادى التى تستهدف تحويل أسر «تكافل وكرامة» من الاعتماد على الدعم النقدى إلى العمل والإنتاج، من خلال توفير فرص تدريب وتشغيل حقيقية، ودعم المشروعات المدرة للدخل، بما يسهم فى تحقيق الاستقلال المالى للأسر الأولى بالرعاية وتعزيز مشاركتها فى الاقتصاد الوطني.

«روزاليوسف» زارت نموذجًا عمليًا، مصنع الغزل والنسيج بغرب العزب بمحافظة الفيوم، الذى طبقت من خلاله وزارتا التضامن الاجتماعى وقطاع الأعمال التجربة العملية لتمكين الأسر الأولى بالدعم، قصص إنسانية كثيرة نجحت فى التحول من الاعتماد على الدعم النقدى لمشروع تكافل وكرامة فقط إلى العمل والإنتاج وامتلاك المهارة التى تساعدهن على الكسب المستدام.

بين تلك النماذج قادرات باختلاف، وأمهات منفصلات تعلن عن أطفال، وزوجات تساعد أزواجهن على الارتقاء بدخل الأسرة.

قوة العمل من 250 إلى 2000 سيدة 

قالت عبير شوقى مدير مؤسسة النداء، المسئولة عن مصنع الغزل والنسيج «دخلنا المصنع من خلال برنامج فرصة، وتم عمل بروتوكول تعاون مع إدارة التضامن الاجتماعي، ووزارة قطاع الأعمال مع مؤسسة نداء، وتم تطوير المصنع بالكامل».

أضافت: بدأنا بعدد 250 سيدة، من خلال برنامج تكافل وكرامة، وبرنامج فرصة التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، بدأنا ببرامج تدريب للسيدات حتى امتلاكهن القدرة على العمل والإنتاج وصولًا لإنشاء الجمعية التعاونية لصناعة وتصدير الملابس الجاهزة بالفيوم.

وأوضحت «شوقي»، استهدفنا مساعدة السيدات لزيادة دخلهن من خلال العمل واليوم يصل الأجر للعاملات الماهرات إلى7 آلاف جنيه ومعظمهن تتراوح أجورهن بين 6 و7 آلاف شهريًا.

مصنع الغزل والنسيج بغرب العزب، يوفر فرص عمل للمستفيدات «تكافل وكرامة»، بعد تدريبهن، حيث بدأ المشروع فى إبريل 2023 بتدريب 250 مستفيدة على مهارة الحياكة، ووصل لتدريب وتوظيف 2000 سيدة بالمرحلة ويتضمن المصنع 8 صالات إنتاج تعمل بشكل فعلى بقدرة إنتاجية للخط 1500 قطعة، وتستهدف المرحلة الثانية تشغيل 3 آلاف سيدة.

 

مديرة مؤسسة «النداء» مع محرر روزاليوسف
مديرة مؤسسة «النداء» مع محرر روزاليوسف

 

الفئات الأولى بالرعاية 

تستهدف الدولة ومنها وزارة التضامن الاجتماعي، خدمة وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، لبناء منظومة تمكين اقتصادى متكاملة تستهدف تمكين النساء والشباب والقادرون باختلاف والأشخاص ذوى الإعاقة من خلال برامج تأهيل وتدريب وتمويل مرنة وإتاحة خدمات الشمول المالي، وربط الدعم الاجتماعى بفرص التمكين الاقتصادي، لتوفير فرص عمل مستدامة فمهما كان الدعم النقدى لن يحقق طموح الأسر فى الحياة الكريمة التى يحققها العمل والإنتاج. 

من الإنتاج بالريف إلى التصدير 

قالت إنجى اليمانى المديرة التنفيذية لصندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية التابع لوزارة التضامن الاجتماعي: هذا المصنع نموذج من النماذج الواعدة، لخلق فرص عمل مستدامة، من خلال إقامة وتشغيل خطوط إنتاج للملابس الجاهزة بغرض التصدير، بما يسهم فى توفير فرص عمل حقيقية وتحسين مستويات الدخل للفئات المستهدفة، وإقامة منظومة إنتاج متكاملة وقابلة للاستدامة، تشمل التجهيز، التشغيل، الإدارة، والتسويق، بما يضمن حسن استغلال الموارد وتحقيق عائد اقتصادى مستدام للمشروع. وتشير إلى أن التجربة فى الفيوم قابلة لتكرار فى ريف مصر.

حضانة لأطفال العاملات 

قالت الدكتورة شرين فتحي، وكيلة وزارة التضامن الاجتماعى بالفيوم: إن الوزارة تهتم بالطفولة المكبرة، وتطوير البنية الأساسية للحضانات، ورعاية الطفولة لأبناء السيدات العاملات بمصنع الغزل والنسيج، وتضم الحضانة 120 طفلا وطفلة، تستقبل الأطفال من سن 3 شهور لـ4 سنوات، وتتبع منهج التعليم من خلال الألعاب.

شهد بطلة تحدت الإعاقة بالعمل 

 شهد عصام، فتاة فى الحادية والعشرين من عمرها، اختارت أن تواجه الإعاقة بالعمل، وأن تحوّل التحدى إلى طاقة حياة.

شهد، من ذوى الإعاقة الحركية، لم تنتظر شفقة ولا مساعدة عابرة، بل قررت أن تدخل بثقة، إلى ساحة العمل حاملة دبلومًا فنيًا وحلمًا بسيطًا: أن تكون قادرة على مساعدة أسرتها والاعتماد على نفسها. 

 

 

 

 

منذ عام، تعمل شهد داخل مصنع الغزل والنسيج بالفيوم، تؤدى مهامها فى هدوء وإتقان، وتتقاضى أجرًا شهريًا قدره 4500 جنيه، إلى جانب حصولها على الدعم النقدى من برنامج «تكافل وكرامة».

تقول شهد بابتسامة هادئة: «مبسوطة بشغلى.. المكان هنا غيّر حياتي، بقيت أحس إنى شخص منتج وليّا دور، وبقدر أساعد أهلى وأعتمد على نفسي».

أميرة تركت التمريض للعمل فى مصنع الملابس 

أميرة محمد رجب، مديرة صالة إنتاج (1)، فى مصنع الغزل والنسيج فى الفيوم اختارت أن تسلك طريقًا مختلفًا عن دراستها الجامعية، لتصنع لنفسها تجربة مهنية جديدة قائمة على الشغف والاجتهاد.

“أميرة”، خريجة بكالوريوس تمريض، تؤكد أنها لم تجد ذاتها فى مهنة التمريض، فقررت خوض تجربة العمل داخل المصنع منذ ثمانية أشهر فقط. البداية لم تكن منصبًا ولا مسئولية، بل تدريبًا من الصفر، أعقبه العمل فى قسم الجودة كعاملة عادية، قبل أن تتدرج بخطوات ثابتة وسريعة حتى تولت مسئولية إدارة صالة إنتاج كاملة خلال فترة قصيرة.

سمية عويس.. من بطاقة دعم إلى عمل منتج غيّر حياتها بالكامل

تسير سمية عويس هاشم، 31 عامًا، بخطوات واثقة نحو مستقبل أكثر استقرارًا فهى خريجة دبلوم فني، متزوجة وأم لثلاثة أطفال، عاشت سنوات طويلة تكافح لتوفير احتياجات أسرتها، وكانت بطاقة «تكافل وكرامة» تمثل لها طوق نجاة يخفف أعباء الحياة، دون أن يحقق لها الاستقرار أو يفتح أمامها أبواب الطموح.

سهام ناصر معوض، واحدة من العاملات بمصنع الغزل والنسيج

نجحت فى تحويل معاناتها مع البطالة إلى قصة استقرار وإنتاج بعد التحاقها بالعمل داخل المصنع.

وتقول سهام إنها كانت تعانى من عدم وجود مصدر دخل ثابت، قبل أن تفتح لها شركة «الياسمين» باب العمل، ما أتاح لها الحصول على دخل منتظم مكّنها من الإنفاق على أسرتها وتوفير احتياجاتها ومتطلباتها الأساسية، إلى جانب حصولها على مساعدة برنامج «تكافل وكرامة».