الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حروب وأزمات

تقلبات حادة فى خريطة العالم من الحرب على الإرهاب إلى تدمير غزة

مع اللحظات الأخيرة من عام 2025، يختتم العالم فصلًا عاصفًا من تاريخ البشر امتد من 2000 إلى 2025، الربع الأول من القرن الجارى بدأ بآمال واسعة فى جنى ثمار التقدم العلمى الواعد وانتشار الديمقراطية والوعى وانتهاء الحرب الباردة، إلا أن المحصلة النهائية حروب واضطرابات وتغيير كبير على رقعة الأرض، فى حين حافظت مصر على مكانتها الراسخة فى العالم.



 بداية قرن جديد

دشنت الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة فى 11 سبتمبر 2001، عصر»الحرب على الإرهاب»، حيث انخرطت القوات الأمريكية، مع دول متحالفة فى حرب طويلة فى أفغانستان سعيًا للقضاء على تنظيم القاعدة وإسقاط حركة طالبان وإنهاء «إمارة أفغانستان الإسلامية». 

وتم تفعيل المادة الخامسة من حلف شمال الأطلنطى الناتو للمرة الأولى والأخيرة والتى تنص على مبدأ الدفاع الجماعى، حيث تنص على أن أى هجوم مسلح ضد دولة عضو فى أوروبا أو أمريكا الشمالية يُعتبر هجومًا على جميع الأعضاء، يستدعى مساعدة الطرف المعتدى عليه باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة الأمن، بما فى ذلك استخدام القوة المسلحة.

غزو العراق

وفى عام 2003، شن تحالف بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غزوًا مثيرًا للجدل للعراق بدعوى امتلاكه أسلحة نووية، وأطاحت بالرئيس صدام حسين، وعلى مدى السنوات الأربع التالية، شهد العراق تعاقب حكومات جديدة وأعلامًا جديدة، رمزًا لتفكك دولته وصعود تنظيم الدولة الإسلامية فى الشام والعراق «داعش» بعد ذلك.

فى غضون ذلك، اندلعت حركات الاستقلال فى أنحاء العالم، إذ نالت تيمور الشرقية، التى كانت مستعمرة برتغالية تحت الاحتلال الإندونيسى العنيف، استقلالها عام 2002 وأصبحت أول دولة ذات سيادة جديدة فى القرن، متخذةً اسم تيمور الشرقية.

 :توسع حلف الناتو وتفكك الدول

كان عام 2004 عامًا مفصليًا، فقد توسع حلف الناتو والاتحاد الأوروبى بشكلٍ كبير، دافعًا حدود المؤسسات الغربية إلى عتبة روسيا، وأصبحت إستونيا ولاتفيا وليتوانيا - الجمهوريات السوفيتية سابقًا - جزءًا لا يتجزأ من شبكة التحالف الغربى.

فى عام 2006، صوتت الجبل الأسود - بفارق ضئيل - لصالح الاستقلال، لتصبح ثانى دولة جديدة تنال استقلالها بالإجماع فى القرن، تاركةً صربيا حبيسة لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى.

 الانفصالات والصراعات

شهد عام 2008 صدماتٍ مدوية، حيث أعلنت كوسوفو استقلالها من جانب واحد عن صربيا، مما أدى إلى انقسام العالم: اعترفت بها بعض الدول، بينما رفضتها دول أخرى كثيرة، واستغلت روسيا هذا الحدث، فغزت جورجيا فى العام نفسه، ودعمت أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية كدولتين انفصاليتين غير معترف بهما.

كما أُعيد رسم الحدود بهدوء فى أماكن أخرى: تنازلت نيجيريا عن شبه جزيرة باكاسى الغنية بالنفط للكاميرون، بينما تنازلت روسيا عن جزر نهرية للصين، قبل أن تُعيد بكين إحياء المطالبة بها على الخرائط فى عام 2023.

وبحلول عام 2011، حلّت إحدى أكثر اللحظات دراماتيكية فى القرن.. صوّت جنوب السودان بأغلبية ساحقة لصالح الانفصال عن السودان، ليصبح أحدث دولة فى العالم بلا منازع، ومع انضمام ثلاث دول جديدة - تيمور الشرقية، والجبل الأسود، وجنوب السودان - أثبت العقد الأول من القرن أن عصر إنشاء الدول لم ينتهِ بعد.

اضطرابات وثورات فى الشرق الأوسط

وفى الشرق الأوسط، أدت الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية إلى الربيع العربى؛ الذى جلب فى بعض الأماكن تغييرات إيجابية وسلبية؛ ففى ليبيا وسوريا، أدى إلى حروب أهلية دامية تزامنت مع صعود تنظيم الدولة الإسلامية ووكلائه، واستقطبت قوى إقليمية وعالمية.

 واستقطب الصراع فى اليمن تحالفًا من الدول العربية بقيادة السعودية، بينما وجدت حركة الحوثيين دعمًا من إيران، وانخرطت إسرائيل فى حملة مستمرة محدودة النطاق لمقاومة النفوذ الإيرانى المتزايد فى سوريا وتوسع حزب الله كقوة إقليمية، وانزلقت ليبيا إلى مزيد من الفوضى، مقسمةً بين شرق وغرب بعد مقتل الرئيس الليبى معمر القذافى، وأصبحت حروب الشرق الأوسط متشابكة ومتداخلة لدرجة يصعب معها تحديد حدود كل حرب.

 فوضى وظهور داعش

شهد أوائل العقد الثانى من الألفية فوضى عارمة، إذ أنشأ الانفصاليون لفترة وجيزة دولة أزواد فى شمال مالى، ليتم سحقها بعد أشهر، ورُفعت فلسطين إلى صفة دولة مراقبة لدى الأمم المتحدة، بينما وسّعت الصين نطاق مطالباتها البحرية فى المياه اليابانية والفلبينية.

ثم ظهر تنظيم داعش بين عامى 2014 و2015، وجرف ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية الحدود العراقية السورية، وأعلن قيام خلافة، لكن بحلول عام 2019، كان التنظيم قد انتهى.

جنوب القوقاز وأوروبا المتغيرة

شهد جنوب القوقاز حالة من التوتر الشديد، إذ خاضت أرمينيا وأذربيجان مناوشات على ناغورنو كاراباخ، بينما كانت الجمهورية غير المعترف بها، وغيّرت كاتالونيا اسمها إلى أرتساخ، واتجهت نحو الاستقلال، قبل أن تُسحق من قبل مدريد فى غضون أسابيع.

فى عام 2017، فرضت تركيا «حزامًا أمنيًا» فى شمال سوريا، محتلةً آلاف الكيلومترات المربعة.

وعلى الصعيد العالمى، امتدت التحولات الرمزية إلى الخارج: غيّرت سوازيلاند اسمها إلى إسواتينى، وأصبحت مقدونيا تُعرف باسم مقدونيا الشمالية، مما مهّد الطريق لانضمامها إلى حلف الناتو، ونقلت بوروندى عاصمتها.

 خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وانهيار أفغانستان

بدأت حقبة العشرينيات من القرن الحادى والعشرين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، مُعيدًا رسم الخريطة السياسية لأوروبا لأول مرة منذ عقود.

ثم اندلعت الحروب من جديد، وهزمت أذربيجان أرمينيا هزيمة ساحقة فى ناغورنو كاراباخ عام 2020، مُعيدة رسم حدود المنطقة.

وفى عام 2021، انهارت الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، وعادت حركة طالبان، وأعادت تأسيس «الإمارة الإسلامية» بعد غياب دام عشرين عامًا، وتغير علم أفغانستان مرة أخرى، فى حلقة مفرغة من التاريخ.

روسيا تغزو أوكرانيا، وغزة تحترق، وتحالفات جديدة

ثم جاء فبراير 2022، شنت روسيا أكبر غزو فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية باجتياح أوكرانيا وفى غضون أشهر، ضمت دونيتسك ولوهانسك وزابوروجيا وخيرسون - على الورق على الأقل، وبحلول أواخر عام 2025، سيطرت روسيا على ما يقارب %20 من أوكرانيا، وهى مساحة تعادل مساحة ولاية أوهايو الأمريكية، ما يعكس المساحة التى كانت تسيطر عليها داعش سابقًا.

فى الوقت نفسه، محت أذربيجان آرتساخ من الخريطة تمامًا، ما دفع 100 ألف أرمنى إلى الفرار.

وفى أكتوبر 2023، شنت حماس هجومًا على إسرائيل، ما أدى إلى غزو إسرائيلى لغزة، وبحلول عام 2025، كان %86 من غزة تحت الاحتلال الإسرائيلى، وقد دُمرت معظم مبانيها.

وبحلول عام 2025، كانت حدود العالم مختلفة بشكل واضح عما كانت عليه فى عام 2001.