الإعلانات تحيل أعمدة دراما الزمن الجميل للمعاش
نسرين علاء الدين
كتبت - نسرين علاء الدين
صنع جيل العظماء من اباطرة الدراما المصرية عصرا ذهبيا للتليفزيون فى الثمانينيات والتسعينيات مما جعل الكثيرون يطلقون عليه الزمن الجميل للدراما حيث كان وقتها الالتفاف حول الشاشة الصغيرة فى موعد المسلسل الذى كان غالبا فى السابعة مساء موعدًا مقدسًا لجميع افراد الأسرة المصرية.
ولعل من ابرز عمالقة هذا الجيل المخرج اسماعيل عبد الحافظ الذى يلقب بعمود الدراما وقرر ان يرحل اثناء تواجده فى اللوكيشن تقديسا لعمله الإخراجى ولمشواره السخى الذى كان من بين علاماته «كناريا وشركاه» و«امرأة من زمن الحب» «وروائع مع أسامة انور عكاشة مثل «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع».
ونفس المصير قرره المخرج يحيى العلمى والذى قدم «رأفت الهجان» و«الزينى بركات» وقرر ان يترك الحياة داخل اللوكيشن.
ولكن يأتى السؤال حول بقية ابناء نفس الجيل الذين لا يزالون على قيد الحياة ولكن اصبح امامهم خياران إما الجلوس فى المنزل او القبول بأعمال لا تتناسب مع مشوارهم الفنى لمجرد التواجد وبحثنا فى اسباب انحدار مستوى الدراما على الرغم من كون الأيدى التى صنعت التاريخ القديم لم تعد مبتورة.
من جانبه تحدث صاحب اسطورة مسلسل «سوق العصر» المخرج هانى اسماعيل وقال ان الدراما المصرية الخالدة كان تتم صناعتها بترتيب منطقى بمعنى ان المؤلف يقوم بكتابة السيناريو دون اى قيد او شرط ويعرض على المخرج ويكونان معا رحلة العمل بشكل موضوعى حتى يكتمل النص وأركانه تبدأ رحلة التفكير فى الأدوار وتسكينها.
اما حاليا فأصبح الموضوع يكتب لشخص بعينه سواء نجم او نجمة والمؤلف فى مرحله ثانية حيث اصبح المنتج بعد موسم رمضان مباشرة يسعى للتعاقد مع النجم الذى اصبح الحصان الرابح دون الالتفات إلى ورق او مخرج من جانب النجم خاصة أنه يبيع مسلسله للفضائيات ايضا باسم النجم الذى يتقاضى رقمًا فلكيًا ثم يبدأ النجم فى البحث عن النص المناسب والملائم لنجوميته وليس المهم هو ثقل القضية التى يتناولها العمل.
اما المخرج احمد النحاس والذى قدم نجاحات درامية لا تتكرر من بينها «الوتد» و«العصيان» والذى اكد ان المؤلفين اصبحوا يتنافسون للحصول على رضا النجم ويقوم المؤلف بكتابة المسلسل حسب رؤية النجم وهنا يصبح النص الدرامى «ملوى عنقه» وأكد انه على سبيل المثال قديما كان النجم لا يعارض فى اختفائه عددا من الحلقات من سير الأحداث ولكن حاليا لا يوجد نجم يقبل ان يختفى حتى حلقة واحدة.
اما المخرج احمد صقر والذى قدم علامات درامية مثل «أوبرا عايدة» و«هوانم جاردن سيتى» و«حديث الصباح والمساء» فقال إن دراما اصبحت تجارية وليست انسانية اصبح المتحكم الأساسى فى اى عمل درامى هو الإعلانات وكيفية جذب الاعلانات وليست مخاطبة العقل ووجدان الجمهور مثلما كان سابقا.
وتقول المخرجة إنعام محمد على الغائبة عن الدراما منذ أن قدمت «رجل لهذا الزمان» عن حياة الدكتور مصطفى مشرفة، إن الأسلوب التجارى أصبح السائد، وأصبح الإعلان هو الذى يشكل الدراما». وتضيف: «صعد النجم على رأس الهرم الإنتاجى الذى تم قلبه، وأصبح النص يتبع ولا يقود، إلى درجة أن النصوص تصنع حاليا علـى مقاس النجوم. وطالما نتعامل بأسلوب السوق المسيطر حاليا، ستستمر سيطرة الإعلان وسطوته».
وتؤكد أن استعانة شركات الإنتاج بالمؤلفين والمخرجين الجدد تعد بمثابة جرس انذار للكبار، وتضيف: «أجورنا كبيرة، وهم يلجأون إلى أصحاب الأجور الأقل، وعلينا أن نبذل جهدا مضاعفا ونواكب التطور حتى لا نختفى من الساحة، وما يطمئننا أن لنا رصيدا وتاريخا مشرفا، ونحتل جزءا من تشكيل وجدان المشاهد وعقله».
وغيرهم من عمالقة الجيل امثال المخرج مجدى ابو عميرة والملقب بـ«ملك الفيديو» والذى قدم للدراما روائع مثل «ذئاب الجبل «والضوء الشارد» و«المال والبنون» الرجل الآخر» وجمال عبد الحميد ورباب حسين ومحمد فاضل.