السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أوهام القوة والنصر «2»

أوهام القوة والنصر «2»
أوهام القوة والنصر «2»




ميشيل حنا الحاج  يكتب:

تكلمت فى مقالى الماضى عن طروحات النصر السريع على الارهاب، التى تراود عقول الأمريكيين، والتى بنيت على أساس تحرير الموصل وكذلك الرقة من سيطرة الدولة الاسلامية الداعشية. وقيل إنها طروحات واهمة ومتسرعة، متناسية بقاء عدة عوامل تنذر بتجدد الحياة فى الارهاب، وبقائه ناشطا، وربما عودته إلى نشاطه العلنى أو السرى فى وقت أقرب من المتوقع.
لو سلمنا جدلا بإمكانية تصفية داعش تصفية تامة ليس فى الموصل والرقة فحسب، بل أيضا فى المواقع الأخرى التى لهم تواجد فيها سواء فى الأراضى السورية أو العراقية، فإن ذلك لن يؤدى إلى استئصال أذرعهم وتواجدهم فى المواقع الأخرى من العالم.
إذ لهم تواجد فى نيجيرها باسم بوكو حرام، وفى الفلبين باسم مجموعة أبوسياف، وفى مواقع كثيرة أخرى كاليمن وسيناء حيث توجد مجموعة المنتسبين لولاية سيناء الارهابية، ومجموعة أخرى باسم بيت المقدس التى أعلنت ولاءها لداعش، فور ظهورها، ولا ينبغى أن ننسى تواجد داعش فى ليبيا، حيث لها بقايا فى سرت، وتواجد قوى فى بعض مناطق بنغازى، ودرنة، بل وفى اقصى غرب ليبيا القريبة من حدود الدول الإفريقية، حيث توجد قواعد ناشطة لهم.
لو افترضنا جدلا النجاح فى استئصال داعش وتحجيم أو استئصال فروعها أيضا، فلا يجوز أن ننسى أصل داعش الذى نشأت وتفرعت منه وهو تنظيم القاعدة، الأم الرؤوم للحركات الارهابية والتى انبثقت منها العديد من تلك التنظيمات، فتنظيم القاعدة حى وناشط فى سورية باسم جبهة النصرة، وفى الصومال باسم جبهة شباب الصومال، وفى المغرب العربى باسم تنظيم القاعدة فى المغرب العربى، ومثله تنظيم القاعدة فى اليمن وفى مواقع أخرى عديدة، علما أن كل محاولات القوات الأمريكية منذ غزو افغانستان عام 2001 وعلى مدى ستة عشر عاما، لم تفلح فى استئصال تنظيم القاعدة أو حاميها وراعيها حركة طالبان أفغانستان، والتى نشأ لاحقا على غرارها حركة طالبان باكستان التى فجرت مؤخرا موقعا، بل مزارا شيعيا للصوفيين فى باكستان وتسبب بمقتل تسعين شخصا من رواده.
وهنا لا بد من التساؤل عن سبب التفاؤل والتحلى بأوهام القوة والنصر لدى الأمريكيين الذين يبشرون بنصر قريب على داعش فى كل من العراق وسوريا؟ وهم الذين أثبتوا عجزا ملموسا وفى مدى ستة عشر عاما، فى القدرة على تصفية نوع آخر من الارهابيين فى أفغانستان، هما تنظيم القاعدة وتنظيم طالبان.
لو فرضنا جدلا النجاح فى استئصال داعش أو حتى تنظيم القاعدة أيضا، فهل يؤدى ذلك إلى انتهاء وجودهما، أم هو انتهاء مؤقت بانتهاء تواجد ممثليهما، لكن مع بقاء أفكارهما حية وناشطة وقابلة للانتشار، فالفكر المرفوض لا يحارب فحسب بالقذائف وغارات الطائرات والجنود على الأرض، بل بفكر مقابل، فى محاولة للتغلب على الفكر السابق الذى انتشر سريعا منذ انتشار الوهابية. أفكارا فى غاية التشدد، وتسببت بنشر الكراهية للآخر، وفى انتشار الأفكار الظلامية التى ولد الارهاب والارهابيون فى كنفها.