الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع

كلتاهما

الأعمال للفنان بسام الزغبى



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

كلتاهما

قصة قصيرة

 سمية عبدالمنعم 

صدفة هى، تلك التى جمعت شتات الفتاتين من بعد سنين طالت فى البعد . كان اللقاء حارًّا، ربما ساعد على عِظم مودته أمر خفى جمع بينهما، لم تدركاه، لكن قلبيهما لمساه بوضوح.

كان السؤال جليًّا فى العيون ولم تستطع الألسن إخفاءه: هل تزوجتِ؟

بابتسامة تلوح بين اليأس ردت إحداهما تساؤل صديقتها، خفضت عينًا لم يهجرها الجمال بعد،  رغم إشراف صاحبتها على الأربعين، وقالت فى محاولة لإخفاء نبرة حزن دفين: زى ما أنا.

قالتها وشردت ممنية نفسها بألا تسمع منها تلك النصائح التى اعتادت سماعها من كل امرأة تراها تلك البلهاء التى لم تستطع أن توقع عريسًا حتى الآن رغم جاذبيتها. أحست الأخرى بمرارة صديقتها، فمطت شفتيها بحيرة وكأنها لا تجد ما ترد به إليها كبرياءها، فأشاحت بوجهها مغمغمة: كله نصيب.

حاولت صديقتها أن تزيح ما اعترى كلتيهما من بؤس خيَّم على سعادة اللقاء، فضحكت متسائلة وهى تنظر إلى أصابع الأخرى بمرح: وأنتِ؟ سمعت أنك على وشك الزواج أو تزوجتِ بالفعل؟

ابتسمت بسخرية وأجابتها: تزوجت وأنجبت طفلين وانفصلت.

اتسعت عينا الأخرى صدمة، لكنها أسرعت تواسيها بكلمات لم تقتنع هى بها، ثم صمتت فجأة وتمتمت بأسى واضح: صدقينى ده أفضل كتير من اللى متجوزتش، على الأقل أصبح عندك أطفال، مش وحيدة.

قطبت الأخرى حاجبيها ولم تدرِ بِم تجيبها، لكنها اكتفت بهز رأسها بحيرة، بينما شردت بعيدا فيما تكابده من مسئولية أطفالها، وتخلى الطرف الآخر عن مشاركتها إياها، تذكرت كم من الشباب تقدموا للزواج بها وكان الرد هو الرفض، فلا سبيل للمفاضلة بين أطفالها وسعادتها كأنثى ربما لم تحيا بعد .

كادت أن تخبر صديقتها بأن الواقع يؤكد أنها الأكثر حظًا منها، وهى العذراء التى لا تجر خلفها زوجًا من الأطفال، أن هناك يقبع دوما الأمل فى زواجها، أما هى فلا أمل فى ارتباط ولا سعادة فى مسئولية فُرضت عليها وحدها .

لكنها تراجعت عن نيتها، واكتفت بابتسامة لا تعنى شيئا، وودعتها فى هدوء، وكل منهما تحمل للأخرى نظرة ذات مغزى.