السبت 11 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بردة البوصيرى




بمناسبة شهر رمضان الكريم ونفحاته النورانية والروحانية ننشر فى هذه الصفحة على مدار الشهر نماذج من أروع ما كتب فى التراث العربى القديم من شعر العشق الإلهى والمدائح النبوية.. قصيدة البردة أو قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة فى مدح خير البرية، إحدى أشهر القصائد فى مدح النبى محمد صلى الله عليه وسلم، كتبها محمد بن سعيد البوصيرى فى القرن السابع الهجرى الموافق القرن الحادى عشر الميلادى، وقد أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوى إن لم تكن أفضلها، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة مدح فى الشعر العربى بين العامة والخاصة.

وقد انتشرت هذه القصيدة انتشارًا واسعًا فى البلاد الإسلامية، يقرؤها بعض المسلمين فى معظم بلاد الإسلام كل ليلة جمعة، وأقاموا لها مجالس عرفت بـمجالس البردة الشريفة»، أو مجالس الصلاة على النبى، يقول الدكتور زكى مبارك: «البوصيرى بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر فى تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق».
 
 
مَولايَ صَلِّ وسَلِّمْ دَائِمًا أَبَدًا
عَلَى الْبَشِيرِ وآلِ الْبَيتِ كُلِّهِمِ
مَولايَ صَلِّ وسَلِّمْ دَائِمًا أَبَدًا
عَلَى الْمُحِبِّينَ لِلْمُخْتَارِ كُلِّهِمِ
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيْرَانٍ بِذِى سَلَم
مَزَجْتَ دَمْعًا جَرٰى مِن مُّقْلَةٍ بِدَمِ
أَمْ هَبَّتِ الرِّيْحُ مِنْ تِلْقَاءِ كَاظِمَةٍ
أَوْ أَوْمَضَ الْبَرْقُ فى الظَّلْمَاءِ مِنْ إِضَمٍ
فَمَا لِعَيْنَيْكَ إِنْ قُلْتَ اكْفُفَا هَمَتَا
وَمَا لِقَلْبِكَ إِنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أَنَّ الْحُبَّ مُنْكَتِم
مَّا بَيْنَ مُنْسَجِمٍ مِّنْهُ وَمُضْطَرِمِ
لَوْ لاَ الْهَوٰى لَمْ تُرِقْ دَمْعًا عَلَى طَلَلٍ
وَلاَ أَرِقْتَ لِذِكْرِ الْبَانِ وَالْعَلَمِ
فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبًّا بَعْدَمَا شَهِدَت
بِهِ عَلَيْكَ عَدُولُ الدَّمْعِ وَالسَّقَمِ
وَأَثْبَتَ الْوَجْدُ خَطَّى عَبْرَةٍ وَّضَنًى
مِّثْلَ الْبَهَارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالْعَنَمِ
نَعَمْ سَرٰى طَيْفُ مَنْ أَهْوٰى فَأَرَقَّنِي
وَالْحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذَّاتِ بِالأَلَمِ
يَا لاَئِمِى فى الْهَوَى الْعُذْرِيِّ مَعْذِرَةً
مِّنِّى إِلَيْكَ وَلَوْ أَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ
عَدَتْكَ حَالِى و لاَ سِرِّى بِمُسْتَتِرٍ
عَنِ الْوُشَّاةِ وَلاَ دَائِى بِمُنْحَسِمِ
مَحَضْتَنِى النُّصْحَ لـٰكِن لَّسْتُ أَسْمَعُهُ
إِنَّ الْمُحِبَّ عَنِ الْعُذَّالِ فى صَمَمِ
إِنِّى اتَّهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيْبِ فى عَذَلِي
وَالشَّيْبُ أَبْعَدُ فى نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ
فَإِنَّ أَمَّارَتِى بِالسُّوءِ مَا اتَّعَظَتْ
مِنْ جَهْلِهَا بِنَذِيرِ الشَّيبِ وَالْهَرِمِ
وَلاَ أَعَدْتُّ مِنَ الْفِعْلِ الْجَمِيلِ قِرٰى
ضَيْفٍ أَلَمَّ بِرَأْسِى غَيْرَ مُحْتَشَمِ
لَو كُنْتُ أَعْلَمُ أَنِّى مَا أُوَقِّرُهُ
كَتَمْتُ سِرًّا بَدَا لِى مِنْهُ بِالْكَتَمِ
مَن لِّى بِرَدِّ جِمَاحٍ مِّنْ غَوَايَتِهَا
كَمَا يُرَدُّ جِمَاحُ الْخَيْلِ بِاللُّجُمِ
فَلاَ تَرُمْ بِالْمَعَاصِى كَسْرَ شَهْوَتِهَا
إِنَّ الطَّعَامَ يُقَوِّى شَهْوَةَ النَّهِمِ
وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى
حُبِّ الرِّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرْ أَنْ تُوَلِّيَهُ
إِنَّ الْهَوٰى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
وَرَاعِهَا وَهِيَ فى الأَعْمَالِ سَائِمَةٌ
وَّإِنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ الْمَرْعٰى فَلا تُسِمِ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِّلْمَرْءِ قَاتِلَةً
مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ أَنَّ السَّمَّ فى الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسَائِسَ مِنْ جُوْعٍ وَّمِنْ شِبَعٍ
فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِّنَ التُّخَمِ
وَاسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلَأَتْ
 
 
المكتبة الرمضانية