الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المكتبة الرمضانية




عمر بن الخطاب.. «الفاروق» الذى فر منه الشيطان
 
«يا ابن الخطاب والذى نفسى بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك».. حديث شريف
 
الفاروق أبوحفص، عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبدالعزَّى القرشى العدوي، ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة (40 عاما قبل الهجرة)، عرف فى شبابه بالشدة والقوة، وكانت له مكانة رفيعة فى قومه، أسلم فى السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة، فقد كان الخباب بن الأرت يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذى خرج به ليصفى حسابه مع الإسلام ورسوله، لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور فى الصحيفة حتى صاح (دلونى على محمد) وسمع خباب كلمات عمر، فخرج من مخبئه وصاح (يا عمر والله إنى لأرجو أن يكونالله قد خصك بدعوة نبيه فإنى سمعته بالأمس يقول «اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك، أبى الحكم بن هشام، وعمر بن الخطاب» فسأله عمر من فوره (وأين أجد الرسول الآن يا خباب؟).
 
مضى عمر إلى دار الأرقم فخرج إليه الرسول فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال (أما أنت منتهيا يا عمر حتى يُنزل الله بك من الخزى والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب) فقال عمر (أشهد أنّك رسول الله).
وبإسلامه ظهر الإسلام فى مكة إذ قال للرسول والمسلمين فى دار الأرقم (والذى بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك) وخرج المسلمون ومعهم عمر ودخلوا المسجد الحرام وصلوا حول الكعبة، لذلك سماه الرسول (الفاروق) لأن الله فرق بين الحق والباطل.
 
«الفاروق» هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهادهم، وضع الله الحق على لسانه إذ كان القرآن ينزل موافقا لرأيه، يقول على بن أبى طالب (إنّا كنا لنرى إن فى القرآن كلاما من كلامه ورأياً من رأيه) كما قال عبدالله بن عمر (مانزل بالناس أمر فقالوا فيه وقال عمر، إلا نزل القرآن بوفاق قول عمر).
 
ومن شجاعته وهيبته أنه أعلن على مسامع قريش أنه مهاجر بينما كان المسلمون يخرجون سرا، وقال متحديا لهم (من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقنى وراء هذا الوادي) فلم يجرؤ أحد على الوقوف فى وجهه.
 
أوصى أبوبكر الصديق بخلافة عمر من بعده، وأوضح سبب اختياره قائلا (اللهم إنى لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم) ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا (أترضون بمن أستخلف عليكم؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قربى، وانى قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون (سمعناوأطعنا) وبايعوه سنة (13 هـ).
استمرت خلافته عشر سنين تم فيها كثير من الانجازات المهمة: فهو أول من جمع الناس لقيام رمضان فى شهر رمضان سنة (14 هـ)، وأول من كتب التاريخ من الهجرة فى شهر ربيع الأول سنة (16 هـ)، وأول من عسّ فى عمله، يتفقد رعيته فى الليل وهو واضع الخراج، كما أنه مصّر الأمصار، واستقضى القضاة، ودون الدواوين، وفرض الأعطية، وحج بالناس عشر حِجَجٍ متوالية، وحج بأمهات المؤمنين فى آخر حجة حجها.
 
وهدم مسجد الرسول - وزاد فيه، وأدخل دار العباس بن عبدالمطلب فيما زاد، ووسّعه وبناه لمّا كثر الناس بالمدينة، وهو أول من ألقى الحصى فى المسجد النبوى، فقد كان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم، فأمر عمر بالحصى فجيء به من العقيق، فبُسِط فى مسجد الرسول، وعمر -رضى الله عنه- هو أول من أخرج اليهود وأجلاهم من جزيرة العرب الى الشام، وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة.
 
كان عمر -رضى الله عنه- يتمنى الشهادة فى سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها (اللهم أرزقنى شهادة فى سبيلك واجعل موتى فى بلد رسولك) وفى ذات يوم وبينما كان يؤدى صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسى (غلاما للمغيرة بن شعبة) عدة طعنات فى ظهره أدت الى استشهاده ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ولما علم قبل وفاته أن الذى طعنه ذلك المجوسى حمد الله تعالى أن لم يقتله رجل سجد لله تعالى سجدة ودفن الى جوار الرسول وأبى بكر الصديق -رضى الله عنه- فى الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن فى المسجد النبوى فى المدينة المنورة.