السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بردة البوصير ى «2»




بمناسبة شهر رمضان الكريم ونفحاته النورانية والروحانية ننشر فى هذه الصفحة على مدار الشهر نماذج من أروع ما كتب فى التراث العربى القديم من شعر العشق الإلهى والمدائح النبوية.. قصيدة البردة أو قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة فى مدح خير البرية، أحد أشهر القصائد فى مدح النبى محمد صلى الله عليه وسلم، كتبها محمد بن سعيد البوصيرى فى القرن السابع الهجرى الموافق القرن الحادى عشر الميلادى. وقد أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوى إن لم تكن أفضلها، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة مدح فى الشعر العربى بين العامة والخاصة.
 
وقد انتشرت هذه القصيدة انتشارًا واسعًا فى البلاد الإسلامية، يقرأها بعض المسلمين فى معظم بلاد الإسلام كل ليلة جمعة. وأقاموا لها مجالس عرفت بـ«مجالس البردة الشريفة»، أو مجالس الصلاة على النبي. يقول الدكتورزكى مبارك: «البوصيرى بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر فى تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق.. نستكمل اليوم نشر أجزاء من القصيدة».
 
مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمَ
 
وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا
 
وَإِنْ هُمَا مَحَضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ
 
وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْمًا وَلاَ حَكَمًا
 
فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ
 
أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
 
لَّقَدْ نَسَبْتُ ِبهِ نَسْلاً لِّذِى عُقُمِ
 
أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ لـٰكِن مَّا ائْتَمَرْتُ بِهِ
 
َومَا اسْتَقَمْتُ فَمَا قَوْلِى لَكَ اسْتَقِمِ
 
وَلاَ تَزَوَّدْتُّ قَبْلَ الْمَوْتِ نَافِلَةً
 
وَلَمْ أُصَلِّ سِوٰى فَرْضٍ وَّلَمْ أَصُمِ
 
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيَى الظَّلاَمَ إِلَى
 
أَنِ اشْتَكَتْ قَدَمَاهُ الضُّرَّ مِن وَّرَمِ
 
وَشَدَّ مِنْسَغَبٍ أَحْشَاءَهُ وَطَوٰى
 
تَحْتَ الْحِجَارَةِ كَشْحًا مُّتْرَفَ الأَدَمِ
 
وَرَاوَدَتْهُ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ
 
عَن نَّفْسِهِ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ
 
وَأَكَّدَتْ زُهْدَهُ فِيهَا ضَرُورَتُهُ
 
إِنَّ الضَّرُورَةَ لاَ تَعْدُوا عَلَى الْعِصَمِ
 
وَكَيْفَ تَدْعُوا إِلَى الدُّنْيَا ضَرُورَةَ مَنْ
 
لَوْلاهُ لَمْ تَخْرُجِ الدُّنْيَا مِنَ الْعَدَمِ
 
مَحَمَّدٌ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ وَالثَّقَلَيْنِ
 
وَالْفَرِيْقَيْنِ مِنْ عَرَبٍ وَّمِنْ عَجَمِ
 
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِى فَلاَ أَحَدٌ
 
أَبَرَّ فى قَوْلِ لاَ مِنْهُ وَلاَ نَعَمِ
 
هُوَ الْحَبِيبُ الَّذِى تُرْجٰى شَفَاعَتُهُ
 
لِكُلِّ هَوْلٍ مِّنَ الأهْوَالِ مُقْتَحِمِ
 
دَعَا إِلَى اللهِ فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ
 
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْفَصَمِ
 
فَاقَ النَّبِيِّيْنَ فِى خَلْقٍ وَّفى خُلُقٍ
 
وَّلَمْ يُدَانُوهُ فى عِلْمٍ وَلاَ كَرَمِ
 
وَكُلُّهُمْ مِّن رَّسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ
 
غَرْفًا مِّنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِّنَ الدِّيمِ
 
وَوَاقِفُونَ لَدَيهِ عَنْدَ حَدِّهِمِ
 
مِن نُّقْطَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الْحِكَمِ
 
فَهُوَ الَّذِى تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ
 
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيبًا بَارِىءُ النَّسَمِ
 
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ فى مَحَاسِنِهِ
 
فَجَوهَرُ الْحُسْنِ فِيهِ غَيرُ مُنْقَسَمِ
 
دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارٰى فى نَبِيِّهِم
 
وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْتَكَمِ
 
وَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
 
وَّانْسُبْ إِلىَ قَدْرِهِ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
 
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيسَ لَهُ
 
حَدٌّ فَيُعْرِبُ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
 
لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًا
 
أَحْيَى اسْمُهُ حِينَ يُدْعٰى دَارِسَ الرِّمَمِ
 
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَ الْعُقُولُ بِهِ
 
حِرْصًا عَلَينَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمِ