السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مناشدات للحكومة والبرلمان

مناشدات للحكومة والبرلمان

الجميع يتفق على مبدأ أن القوانين بطبيعتها ليست نصوصًا مقدسة، أو أحاديث نبوية لا يمكن المساس بها، بل هى نصوص تقبل التأويل، وتتغير لتتماشى مع المتغيرات التى يشهدها المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويتم إدخال التعديلات على موادها إذا أثبتت التجربة العملية أنها ليست محفزة للإنتاج، أو مؤثرة سلبا على بيئة العمل وعلى الاستقرار الأسرى والمجتمعى.



بالتأكيد، لا يختلف الجميع أيضا على أن قانون الخدمة المدنية، أحد أبرز القوانين التى صدرت فى العام 2016، فالقانون حقق إصلاحا ملموسا بالجهاز الإدارى للدولة، وعالج أزمة الرسوب الوظيفى التى كانت متأصلة فى القانون 47 لسنة 1981، وساهم فى القضاء على الفساد والمحسوبية وصولا إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

الإيجابيات الكثيرة التى حققها قانون الخدمة المدنية، لا ينفى وجود بعض الآثار السلبية، والتى ظهرت بعد مرور 4 سنوات على تطبيق القانون ولائحته التنفيذية، حيث ظهرت بعض المشاكل التى واجهت العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والبالغ عددهم نحو 5.7 مليون موظف، ولعل أبرزها أزمة انتدابات وانتقالات الموظفين بين الإدارات والمديريات المناظرة وغير المناظرة.

فى الأيام القليلة الماضية، تلقيت وعايشت شكاوى عديدة من موظفين بالجهاز الإدارى للدولة، يطالبون فيها بإرسال صوتهم إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، وأعضاء لجنة القوى العاملة واللجنة التشريعية بالبرلمان، والدكتور صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، لإيجاد حلول عاجلة لأزمة الانتدابات والانتقالات، للمساهمة فى تحقيق الاستقرار الوظيفى والذى يستتبعه استقرار أسري ومجتمعي.

ببساطة شديدة، الأزمة تتمثل فى أن المادة 33 من قانون الخدمة المدنية، أجازت للموظف الانتداب بين الإدارات والهيئات والمديريات بعد موافقة الجهة المنتدب منها والمنتدب إليها، إلا إن المادة 108 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة فى العام 2017، اشترطت ألا تتجاوز مدة الانتداب 4 سنوات، ومع نهاية العام الرابع، يكون الموظف أمام خيارين، إما العودة للمكان المنتدب منه، وعدم ندبه مرة أخرى لنفس المكان المنتدب إليه، مع جواز انتدابه إلى مديرية أخرى، بنفس المحافظة أو محافظة أخرى، بمعنى أن الطبيب أو الصيدلى أو أحد أفراد الأطقم الطبية إذا انتهى انتدابه بأحد المستشفيات التابعة لمديرية الصحة، يمكنه طلب الانتداب إلى مديريات التموين، التضامن الاجتماعى، المحليات، الإسكان، الكهرباء، أو غيرها وهذا قطعا لن يتحقق فهذا لا يتناسب مع طبيعة عمل الأطقم الطبية أو غيرها، فضلا عن أن تحديد مدة الانتداب مخالفة لقرار المحكمة الإدارية العليا التى قضت بإبقاء العامل فى الوظيفة المنتدب إليها وعدم تحديد مدة الانتداب.

البدائل النظرية جيدة، ولكنها غير قابلة للتطبيق، حيث يتمثل البديل الآخر فى قيام الموظف بإجراءات انتقاله إلى المكان المنتدب إليه، شريطة أن تكون الدرجة الوظيفية شاغرة وممولة من وزارة المالية، أو ينتقل الموظف بدرجته الوظيفية، وهذا نادر الحدوث، فهى من صلاحيات المحافظين، وكل محافظ يرفض التفريط فى الدرجات الوظيفية بمحافظته، وبذلك يظل الموظف يحارب فى طواحين الهواء، ولن يصل إلى نتيجة.

البدائل التى طرحها القانون ولائحته التنفيذية فى أزمة الانتدابات والانتقالات صعبة التنفيذ، لعدم وجود درجات وظيفية شاغرة وممولة، وهو ما يجعل ملايين الأسر تعانى من حالة عدم الاستقرار المجتمعى، بسبب عدم الأمان الوظيفى، أو أن الأسرة تعيش فى محافظة، والزوج  أو الزوجة يعملون فى محافظة أخرى، وهذا الأمر شاق جدا جدا، أو يضطر أحدهما إلى الحصول على إجازة بدون مرتب، مما يمثل عبئا كبيرا على الأسرة، فى تلبية احتياجات الأبناء، فى ظل الظروف المعيشية التى لا تخفى على الجميع.

المناشدات طالبت الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، تعديل المادة الخاصة بالانتدابات والانتقالات وعدم جعلها محددة المدة، للتيسير على العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، ومنحهم مساحة أكبر لتحقيق الاستقرار وخلق بيئة عمل مناسبة للإنتاج والإبداع.