الأربعاء 9 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السودان تعود إلى المربع «صفر»

دفع الجيش السودانى بتعزيزات عسكرية إلى العاصمة الخرطوم، وسط توقعات بشنه هجوما واسعًا على قوات الدعم السريع.



وتعيد التطورات الميدانية البلد العربى الإفريقى إلى المربع صفر، بعد انهيار محادثات مدينة جدة ، ما مثل على ما يبدو رصاصة الرحمة لهدنة لم تعرف طريقها إلى حيز التنفيذ. ومنذ بدء المعارك فى السودان فى 15 أبريل الماضى أعلنت هدنة هشة تلو أخرى لم تتمكن أى منها الصمود لساعات، وإن خففت حدة المعارك.

وكان المجتمع الدولى يأمل أن تسهم الهدنة الأخيرة فى توفير مساعدات إنسانية للمدنيين العالقين.

ولم تتوقف أصوات الانفجارات فى الخرطوم منذ أن فرضت واشنطن عقوبات على طرفى النزاع بعد أن توقفت المباحثات التى تتوسط فيها الرياض وواشنطن.

ومدّد مجلس الأمن الدولى لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة فى السودان، بعدما اتّهم قائد الجيش السودانى عبدالفتاح البرهان المبعوث الأممى فولكر بيرتيس بالإسهام فى تأجيج النزاع.

وفى قرار مقتضب، وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد تفويض «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان» حتى 3 ديسمبر المقبل. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع فى البلاد.

وسمع دوى القصف المدفعى جنوب العاصمة السودانية، بينما دارت اشتباكات فى شرقها، وذلك بعدما تحدّث سكان فى وقت مبكر عن قصف مدفعى قرب مبنى الإذاعة والتليفزيون فى ضاحية أم درمان.

وتشهد الخرطوم ومناطق أخرى فى السودان معارك عنيفة منذ منتصف أبريل بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتى».

وأودت المعارك بأكثر من 1800 شخص، بينما أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 1,2 مليون آخرين نزحوا داخليًا ولجأ أكثر من نصف مليون شخص إلى الخارج.

وفى مؤشر إضافى على التصعيد، أعلن الجيش استقدام تعزيزات للمشاركة «فى عمليات منطقة الخرطوم المركزية».

وأشارت المحللة السودانية خلود خير من مركز «كونفلوانس أدفايزوري» ومقره الخرطوم، إلى أن الجيش يعتزم «شن هجوم واسع قريبًا (ضد قوات الدعم)، ولهذا انسحب» من المفاوضات فى جدة.

أعلن الجيش تعليق مشاركته فى المحادثات المستمرة منذ أسابيع، متهمًا قوات الدعم بعدم الإيفاء بالتزاماتها باحترام الهدنة والانسحاب من المستشفيات ومنازل السكان.

وأعقب ذلك تأكيد الوسيطين السعودى والأمريكى تعليق المحادثات رسميًا.

وأكد الجيش السودانى فى بيان إنه «فوجئ» بإعلان الوسيطين.

وأوضح أن وفده تقدم باقتراح لتشاور «غير رسمي»، لكن «الوساطة فاجأتنا ببيان تعليقها للمحادثات دون الرد على مقترحاتنا التى تجاهلتها تمامًا».

والجمعة أيضا أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوزير أنتونى بلينكن سيزور السعودية بين 6 يونيو و8 منه، وسيتطرق مع المسئولين إلى «التعاون الاستراتيجي» بين البلدين فى القضايا الإقليمية والثنائية.

ويرجح مراقبون أن تكون الأزمة فى السودان على رأس أولويات الوزير الأمريكى خلال مباحثاته فى السعودية.

وبعدما حمّلت طرفى النزاع مسئولية انهيار الهدنة والمحادثات فى جدّة، أعلنت واشنطن فرض عقوبات على شركات وقيود على تأشيرات الدخول لمسئولين على ارتباط بطرفى النزاع.

وتستهدف العقوبات الاقتصادية الكثير من الشركات فى قطاعات الصناعة والدفاع والتسلح بينها شركة «سودان ماستر تكنولوجى» التى تدعم الجيش.

وبالنسبة إلى قوات الدعم، فرضت واشنطن عقوبات على شركة الجنيد للمناجم التى تدير مناجم ذهب عدة فى إقليم دارفور، ويشكك محللون فى جدوى العقوبات الأمريكية على الطرفين.

وقال مستشار الأمن القومى فى البيت الأبيض جايك ساليفان: إن «حمام الدم» فى الخرطوم ودارفور «مروّع».

وأشار إلى أن خرق الهدنة الأخيرة «زاد مخاوفنا من نزاع طويل ومعاناة كبيرة للشعب السودانى».

منذ بدء العنف، لم يحقق أى من الجانبين تقدمًا ميدانيًا ملموسًا على حساب الآخر أو خرقًا فى موازين القوى.

ويدعو القرار الذى تم تبنيه الأمين العام إلى مواصلة تقديم تقارير بشأن المهمة فى السودان كل ثلاثة أشهر، متوقعًا أن يصدر التقرير المقبل فى 30 أغسطس المقبل.

وبيريتس الذى كان موجودا فى نيويورك عندما اتّهمه البرهان بتأجيج النزاع، يُتوقّع أن يعود «إلى المنطقة» فى الأيام المقبلة، فى زيارة إلى أديس أبابا سيلتقى خلالها مسئولين فى الاتحاد الإفريقى، وفق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق.

وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان «يونيتامس» أنشئت فى يونيو2020 لدعم العملية الديمقراطية الانتقالية بعد نحو عام على الإطاحة بعمر البشير.