صياد الشمس
مصطفى عرام
كتب: مصطفى عرام
من بين شعوب الأرض.. اشتهرت مصر بشمسها التى لا تنطفئ، ومنذ قديم الأزل.. عرف لها الفراعنة حقها وقدرها، فقدسوها حتى عبدوها، وفى عصرنا الحالى.. لم يتعد اعترافنا بخيرها والفضل الذى أودعه إياها الخالق سبحانه وتعالى سوى تقديم بعض الأغانى، وكتابة كلمات مازالت قيد الأوراق والكتب والمقالات والأبحاث لم تغادرها بعد، ويبدو أنها لن تفعل.
الغريب.. أن أوروبا الباردة بكل ما تملكه من إمكانيات، وبكل احتياج شديد إليها، تتعرف إلى الشمس من جديد عبر أحد أبناء هذا الوادى، عالم مصرى جليل، يضاف إلى العقد الماسى من علماء هذا البلد، الذين نبغوا خارجه وبعيدًا عنه، إنه الفرعون الذى جلب الشمس إلى ألمانيا، وينير 250 بلدية فيها بنور الشمس، عبر الأشعة التى تغمر أسطح البيوت كل صباح، بطاقة كهربائية تعادل ما تنتجه مصر مرة وربع المرة.
فى حوار هذا العالم إبراهيم سمك مع الزميل أحمد فايق فى جريدة "الفجر"، فاجأنا بأنه يستطيع أن يجعل مصر تصدر كهرباء إلى أوروبا وإفريقيا بعد أن تنير بيوت أبنائها، فمشكلة مصر تتلخص فى أن المحطات الكهربائية حتى تصل إلى 30 ألف ميجاوات حال توافر الوقود اللازم، فإنها بحاجة إلى نسبة 73% غاز، و18% مازوت، و8% ماء، وواحد فى المائة طاقة، فى حين تسجل وزارة الكهرباء أحمالا كهربائية مقدارها 22 ألف ميجاوات إذن نحن بحاجة إلى حلول جذرية.
وبمعنى آخر، نظريا.. فإن الكيلو متر الواحد ينتج من 600 إلى 1000 ميجاوات، ومصر بحاجة إلى 8 آلاف ميجاوات، أى أن حل المشكلة يكمن فى مساحة تتراوح بين 8 كيلومترات و16 كيلومترا مربعا لإنتاج الكهرباء اللازمة، فقط تبقى مشكلة التمويل التى يمكن الاعتماد فيها على البنك الألمانى أو البنك الدولى، والبنك الألمانى سيرحب جدا بهذا الأمر، فقط إذا طلبت منه مصر لكنها لم تفعل، وعن المكان المناسب لتنفيذ هذا المشروع، فإن الصعيد هو أفضل مكان، سواء فى الأقصر أو أسوان، فى حال توافر الإرادة السياسية.
لقد بدأ العالم الجليل إبراهيم سمك مشروعه فى ألمانيا بلمبة فى شتوتجارت، حتى وصل إلى إنارة 250 بلدية ومبنى رئاسى، المثير فى الأمر أنه يلفت نظرنا إلى أن هذا المشروع له عوائد اقتصادية أخرى، ففى إسبانيا يوجد أكبر نموذج للطاقة الشمسية فى أوروبا، الذى استطاع تخفيض أعداد العاطلين بأرقام مذهلة، وفى ألمانيا يستفيد البنك الممول للمشروع بنسبة 70% من العائد والمواطن 10%، فى حين أن تكلفة الوحدة الواحدة فوق سطح المنزل لا تتجاوز 2000 يورو.
الحوار يحمل قدرا هائلا من التفاؤل، مبعثه إيمان هذا العالم بقدرة مصر وأبنائها على تحقيق أى شىء، فالإمكانيات متوافرة، وهو مستعد لأى شىء فى سبيل تنفيذ هذا المشروع وتدريب المتخصصين.. فقط نحتاج إلى إرادة وقرار بالتنفيذ، فمن يصدر القرار؟