الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تكلفــة التقشـف




كتب: محمد جلال عبدالرحمن

رغم اختلاف الاسباب التى قامت لأجلها ثورتh 25 يناير و30يونيو، إلا أن العمود الفقرى الذى كان يربط بين الثورتين، تردى الاوضاع الاقتصادية، ونستطيع ان نقول بأن نتائج الثورتين حتى الآن هى أن أغلب مواطنى هذا البلد بين اعباء المعيشة الطاحنة من ناحية، وأوجاع الوطن المستمرة الى ارتفاع شديد فى اسعار السلع، وازدياد البطالة، وقلة الدخول من ناحية اخرى.
وقد جاءت الكثير من الحكومات بعد ثورة يناير ولم تحقق هدفاً من أهداف الثورة وكان يمكن أن تحقق لفقراء البلد ما يرفع عنهم بعضاَ من معاناتهم بخفض اسعار السلع أو توفير فرص عمل للشباب الذى كان يعانى ايام مبارك والآن ازداد حاله سوءًا.
أن من اسباب سقوط حكومة «قنديل» التى وصفها المصريون بأنها أسوأ حكومة فى تاريخ مصر نداءها ليل نهار على المواطن المصرى بالتقشف وكانت تستند فى ذلك إلى أن الوضع الاقتصادى فى غاية الصعوبة وأنهم ورثوا دولة متهالكة، كان الوضع فى منتهى الغرابة والعجب، كيف يطلب رئيس الوزراء التقشف من شعب أغلبه فقراء اساساً؟! بدت الحكومة وكأنها لا تحكم مصريين ولا تعلم عن حالهم المتردى شيئاً!.. وظلت تنفصل عن واقع الشارع المصرى فكان الرجل يعلّم النساء كيفية الرضاعة فى مؤتمراته طالباً اغلاق يوم المصريين على الساعة 10 مساء توفيراً للطاقة، وظلت حكومته تسير وفق نهج متغافل متغابى دون ان تقدم حلولاً حتى سقوط الاخوان جميعـاً.
لماذا يطلب منا سياسة التقشف، هل يجوز أن يطلب التقشف من شعب غالبيته الآن فقراء ووطن غاية شبابه أن يجلسوا بدلاً من الوقوف فى اتوبيس قيمة تذكرته 2 جنيـه، فهم لا يركبون السيارات، ولا يعيشون حياة الرفاهية، بل حتى الاغنياء فى هذا الشعب تأثروا بالوضع السياسى الذى يمتاز بالتدهور الممتد الذى لا سبيل إلى نهاية فيه بحسب الظاهر، أضف إلى ذلك الامراض التى تفشت. أن عمل الانظمة السابقـة انحصر فى المناداة على ابناء هذا الشعب بالتقشف الشعب يحتاج بالفعل إلى إعادة تقويم على الاخلاص فى العمل، وان يعيش واقعه فى الانفاق والاهم من كل ذلك استحضار الضمير الغائب، ولكن لا اظن ان هذا الشعب الذى عاش سنين طويلة يعانى الفساد الاقتصادى والاجتماعى والسياسى الذى افقره وهضمه يحتاج الى تقشف، لان اجراءات التقشف ببساطة تؤدى الى ازدياد الفقر والبطالة وهذه متوفرة جداً ولا تحتاج الى اجراءات كما انها سوف تؤثر اكثر واكثر فى احوال الفقراء، اما الجالية المصرية خارج البلاد فيكفيها ظلم الكفلاء ويكفيها انها أفسحت مجالاً لغيرها وتنازلت عن حقها فى الوظائف ومشاركة أهلها لحظات افراحهم وآلامهم واختاروا الوحدة.
إن الحديث عـن التقشـف يذكرنا بآثــار هــذه الاجـراءات على أوروبا، حيث أظهرت دراسة جديدة أجرتها وكالة المساعدات الدولية اوكسفام أن 25 مليون أوروبى إضافى سيواجهون الفقر بحلول عام 2025 وسط تفاقم أزمة الديون فى أنحاء أوروبا واتساع نطاق إجراءات التقشف المالية الصارمة التى أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة وانتشار مظاهر عدم المساواة.‏ الحقيقة أننا امام معادلة، الواقـع يؤكدها كل يوم، وهى أنه اذا لم يتغير حال المواطن المصرى فى الفترة المقبلة فإن التكلفة الحقيقية على الوطن سوف تكون اكبر من ثورتى يناير ويونيو, وسوف يستغل الارهاب عدم تغير الاوضاع وسخط قطاع كبير من المواطنين فى اثارة القلاقل وهدم ما تبقى من الوطن. وبعيداً عن حفلات الطبل والمزمار لا بديل عن الحلول التى تغير احوال المصريين الى الأحسن وتحقق الاهداف التى انطلقت لأجلها ثورتان (عيش – حرية – كرامة انسانية).

مستشار قانونى وباحث
 HYPERLINK «mailto:[email protected]» [email protected]