الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ساويرس» يتحالف مع «الشيطان» من أجل البرلمان!




كتب : اشرف بدر

خريطة البرلمان المقبل غير واضحة المعالم حتى كتابة هذه السطور، وستظل كذلك أسیرة للصفقات والتحالفات الانتخابیة، خاصة بعد فشل التیار المدنى فى تدشین تحالف للم شمل الأحزاب المدنیة لخوض واحدة من الانتخابات المصیریة بقائمة موحدة على المقاعد المخصصة للفردى والقائمة.
وكل يوم نسمع عن ائتلافات وتحالفات حزبية سرعان ما تنهار بسبب غياب الأيديولوجية الموحدة، فالمشاورات التى تمت قبل إنجاز أى تحالف هى نصيب كل حزب من المقاعد وليس الخريطة التشريعية المشتركة، وهو ما يجعل مستقبل هذه التحالفات مهددًا مع التشاور حول أول مشروع قانون تحت القبة البرلمانية، علاوة على هوس بعض الأحزاب للحصول على مقاعد الأغلبية المطلقة مستندة إلى تاريخها وليس إلى جماهيريتها.
من العقبات التى تقف حجر عثرة فى مواجهة اتمام أى تحالف، ومن بينها عدم صدور قانون تقسيم الدوائرالانتخابية للآن، وحتى لو صدر هذا القانون دون الاستقرار على ترسيم المحافظات بقانون يصدره الرئيس، فإن القانون سيكون غير دستورى، نظرًا لتداخل الدوائر الانتخابية بعد الترسيم، وهو ما قد يؤدى إلى حل البرلمان مستقبلا!
إن التحالفات الحزبية موجودة فى كل دول العالم، ويجمعها مصلحة واحدة، وهى خدمة الوطن، لكن لدينا التحالفات من أجل خدمة الأحزاب والأشخاص، ولكى تنجح هذه التحالفات لابد أن تكون هناك مشاركة وتنسيق فيما بينها وليس مع حكومة النظام، فالأحزاب التى تخرج بأمر النظام لن تعيش طويلا، والدليل أن نظام ما قبل 25 يناير كان يتفنن فى صنع أحزاب حتى يضرب الأحزاب القوية، ويصدر للآخرين مفهومًا خاطئا بأن لديه أحزابًا رافضة وموافقة كديكور لديمقراطية النظام، لذا وجدنا أحزابا كانت توافق باشارة عين وترفض برفعة حاجب فى جلسات برلمان سرور!
كما أنها وبحسب التقرير الصادر عن المركز الإقليمى للدراسات بالقاهرة تفتقد لشىء ضرورى للفوز بالانتخابات المقبلة، وهى أن «الأحزاب التى نشأت قبل ثورة 25 يناير أو بعدها، سواء كانت مدنیة أو ذات مرجعية دینیة، تعانى جمیعها من معضلة حقیقیة وهى عدم استقرار تحالفاتها، لذا فهى دائما ما تبحث عن حليف يعوضها ما تفتقده من جوانب نقص، وهى فرصة سانحة للإخوان والوطنى المنحل صنعها قانون مجلس النواب الجديد، وتحديداً فيما يخص الترشح على مقاعد الفردي، لأنه يمنح فرصاً جديدة لرجال الأنظمة الساقطة، التى ثار عليها المصريون للعودة من جديد إلى الحياة السياسية.
ولو استعرضنا الوضع القائم للتحالفات على أرض الواقع، فإن التيار الإسلامى يخطط لخوض الانتخابات من خلال تحالفات معلنة تمثلها الأحزاب الدينية التى نشأت عقب الثورة والداعمة لجماعة «الإخوان» أو غير معلنة، ومن المرجح أن يدفع التيار بعناصره والتى لم تظهر بعد للعلن لخوض الانتخابات على المقاعد الفردية.
يقابل ذلك التنسيق الكبير الذى يقوده رجل الأعمال نجيب ساويرس «مرشد حزب المصريين الأحرار» بين «الكنيسة» و عدد من رجال «الوطنى» والتيارات العلمانية، من أجل تمرير كوتة للمسيحيين، والاستيلاء على جزء كبير من غنائم التيارات الإسلامية فى البرلمان، والتى ستكون بمثابة الجائزة التى ستحصل عليها الكنيسة مقابل دعمها لثورة 30يونيو!
أما الكيانات الشبابية مثل «تكتل القوى الثورية وتمرد وتيار الشراكة، واتحاد شباب الثورة، وشباب الجمهورية الثالثة، والجبهة الحرة للتغيير السلمي، وقادة المستقبل،» فتواجهها مشكلة عدم وجود كيان سياسى تلتئم تحته، رغم وجود مساع لتشكيل تحالفات انتخابية إلا أنها مازالت تواصل اللقاءات والمشاورات مع التكتلات الانتخابية المختلفة للانضمام تحت رايتها.
ولاشك أن كل ذلك يصب فى صالح عودة فلول الحزب الوطنى الذى يخطط «الترزية» واصحاب المصالح فى عهد المخلوع إلى احياء حزبهم المنحل من خلال تحالف «المؤتمر والحركة الوطنية ومصر بلدى»، وهو ما يؤكد صحة ما يتردد من ان نظام مبارك لم يسقط بمجرد سقوط رءوس النظام، ولكن فلوله الذين ولدوا وتربوا وترعرعوا فى رحم الفساد من ثمرة العلاقة غير الشرعية بين السلطة والمال الحرام وتمكنوا من كل مفاصل الوطن عبر سنوات طويلة فى ظل حكم المخلوع وارتبطوا فيما بينهم بأقذر لغة عرفتها مصر منذ فجر التاريخ وهى «البيزنس الحرام»، مازالوا على الساحة.
كما ثبت أن ظهور أعضاء الوطنى الآن ليس من أجل «الشماتة» فى مصير الإخوان والتيار الإسلامى أو ونكاية فى الشباب الثورى الذى خرج فى يناير ويونيو لهدم امبراطورية الفساد والتدين المغشوش،-كما يزعم البعض -، وانما هى عودة كاملة للحياة السياسية، يساعدهم فى ذلك ابواق إعلاميةعديدة ماجورة، وبدأنا نسمع كثيرا عبارات «الوطنية» للمتاجرة بها من فلول الوطنى ومرتزقة وتجار الدين وأصحاب الأسماء البراقة، والعبارات الفضفاضة، والدعاوى العريضة، التى بها يضعون أنفسهم، أو يضعهم الناس فى الصفوف الأولى للوطنية، وهم منها براء، فحب الوطن لم يعد بمقياس ايام المخلوع والمعزول، لمن هم أعلى صوتا، وألحن بيانا، وأبلغ تأثيرا فى الأنفس الضعيفة، وعبر صخب الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وضجيج الألحان، وكل ذلك لم يعد ينطلى على المصريين .
ولم تعد الوطنية التى يضفونها على من شاءوا ويحجبونها عمن شاءوا، وإشارة توضع على صدر مَن يدفع أكثر، ووسام يتوشح به من بيده القوة، لأنه ببساطة كيف يدعى حب الوطن، من يسرق ثرواته، أو يدعم ثلة من الفاسدين الذين سرقوا ثرواته وشردوا أبناءه، واصابوا اطفاله ونساءه وشيوخه بجميع الأمراض المستعصية؟
 صحيح أن الرئيس السيسى قال فى أكثر من خطاب انه لا عودة للفساد، إلا اننا لم نجد اى إجراء على الارض يستهدف تقويض ظهور المفسدين مرة أخرى فمعظم الأحزاب الليبرالية تضم أعضاء الوطنى المنحل، وترحب بالمزيد من أجل الفوز بالانتخابات المقبلة، ذلك لما يتمتع به أولئك فى بعض الدوائر سواء من حيث القدرة المالية، أو النفوذ القبلى والعائلى خاصة فى الصعيد وأرياف بحرى، علاوة على استغلال حالة الفراغ الذى احدثته القبضة الأمنية الشرسة من قبل النظام الحاكم على التيار الإسلامى.
ومن أسف أن النظام المصرى على طول عهوده لا يتعلم من أخطاء سابقيه، فكان يأتى بأعضاء برلمان لحماية النظام لا لحماية الدولة، ويسعى للسيطرة على المؤسسة التشريعية، ويقوم بتفصيل نظام برلمانى يمنع معارضة النظام، وهذا خطأ كبير، وكان من أجل ذلك يستخدم كل أدوات هذه السيطرة، وأولها تفتيت الكتل البرلمانية، والسيطرة على الأحزاب فرادى، واستبعاد نظام القوائم التى تجعل الأحزاب تدخل البرلمان وتشارك بفاعلية، حتى يسهل للحاكم تثبيت حكمه.
ففى فترة مبارك كانت القوانين تصدر وفق رؤية الحزب الحاكم، وفى فترة مرسى كان الإعلان الدستورى والنظام الحالى أصدر قانون مباشرة الحقوق السياسية، كل هذا جعل الديمقراطية مجرد ديكور شكلى وليس جوهريًا، خاصة أن هناك بعض مستشارى السوء لو نظروا جيدًا، سيجدون أن الإخوان والسلفيين جاءوا عن طريق القوائم وأنهم حصلوا على 90 مقعدًا فى الثلث الفردى، و127 فى الثلثين بالقائمة، وبالتالى الفردى أفضل لهم.
إن قوة البرلمان تقاس بقوة الأحزاب، وقوة الأحزاب تقاس بالجماهيرية والقواعد الحزبية فى المحافظات والتواصل مع الجماهير، وليس بالتاريخ، وأن أى تحالفات «مشروطة» مصيرها الفشل وستؤدى إلى تشتيت التيار المدنى فى الانتخابات المقبلة، فضلاً عن أن رئيس الجمهورية لم يحدد حتى الآن موعد إجراء انتخابات البرلمان، وكل ذلك يصب فى صالح خروج الفلول والإخوان من جحورهم ليمشوا فى جنازة برلمان ثورة الأحرار.. «إن لله وإن إليه راجعون»!