الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الفضائيات تخاصم اليوم العالمى للنوم!

الفضائيات تخاصم اليوم العالمى للنوم!






فى هدوء شديد وصمت رهيب ومريب احتفل العالم كله بحدث مهم إلا نحن هنا فى مصر وهو «يوم النوم العالمى» تصوروا!!
لا الحكومة اهتمت بهذا الحدث وجعلته عيدًا بإجازة مدفوعة الأجر، ولا الفضائيات الجادة أو التافهة اهتمت بهذا الحدث الذى اهتم واحتفل به العالم كله يوم 13 مارس الماضى!!
نعم ففى يوم 13 مارس من كل عام يحتفل العالم كله بمناسبة اليوم العالمى للنوم الذى بدأ الاحتفال والحفاوة به منذ عام 2008، أى منذ سبع سنوات والعالم كله يحتفل بيوم النوم إلا نحن!!
نحن الذين ابتكرنا واخترعنا عبارة «النوم سلطان» وجملة «النوم فى العسل» ــ سواء كان أبيض أو أسود ــ وأمثالنا الشعبية تقول: الحلو حلو ولو قام من النوم» و«نوم الظالم عبادة» وعبارات من نوعية: نوم الهنا ونوم العوافى!!
والنوم متعة وراحة للحبيب وعذاب وتعذيب للحبيبة، وهو ما تغنت به الفنانة المطربة الرائعة «نجاة» ومن كلمات الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، فى أغنية «عيون القلب» تقول:
وأنا رمشى ما داق النوم
وهو عيونه تشبع نوم
روح يا نوم من عين حبيبي
روح يا نوم
تقوللى كلام وأفرح بيه
أسيب النوم وأفكر فيه
انت تقول وتمشى
وأنا أسهر ما أنامشى!!
كيف فات على الفضائيات أن تحتفل وتحتفى بعيد عالمى عن «النوم» يحتفل به العالم كله باحترام وتوقير، وكيف لم تخصص برامج «التوك شو» حلقات لمناقشة وتحليل «النوم فى حياة المصريين» اقتصاديًا واجتماعيًا وفكريًا، وكذلك تفنيد الإحصائيات والدراسة الخاصة بنوم المصريين، فإذا كان متوسط عدد الساعات التى ينامها الإنسان هو ثمانى ساعات فى اليوم وهو ما لا ينطبق على الإنسان المصرى، فهو يظل ساهرًا طوال الليل أمام شاشات الفضائيات، يلهث من تفاهة إلى سخافة إلى هجص إلى رقص إلى تفسير أحلام وتحضير عفاريات والكشف عن المستور تحت الكبارى وفوق السراير وهو يكتفى بالنوم فقط كلما ذهب إلى عمله وشغله ووظيفته!
هناك ينامون ليستريحوا من عناء يوم عمل شاق، ونحن ننام من فرط السهر أمام الفضائيات خاصة الفضائيات اللى بالى بالك!
حتى البرامج الطبية التى تستضيف أطباء وأنصاف أطباء لم تهتم بموضوع النوم، وكنت أتمنى أن يتحدث طبيب متخصص فى النوم أن يشرح لنا أيهما أفضل أن ينام المشاهد أثناء مشاهدة توك شو يناقش جنون أسعار البامية والطماطم أم أن الأفضل هو نوم المشاهد أثناء مشاهدة برنامج يناقش صدام الأصالة والمعاصرة وصراع الحضارات ونهاية التاريخ وبداية الجغرافيا.
لا أحد فى الفضائيات ناقش ظاهرة غريبة وهى نوم المشاهدين والمشاهدات بعمق شديد ولذة بمجرد أن يشاهدوا المحلل السياسى يتحدث أو الخبير الاستراتيجى يشرح أو الإعلامى الرياضى يحلل أزمة رأس الحربة فى الكرة المصرية، لماذا يكبس علينا النوم كلما أطل هؤلاء علينا يتحدثون ويثرثرون ويكذبون ويهجصون؟! وما العلاقة الوثيقة بين ما يقولونه وهذا النوم اللذيذ الذى نستمتع به بمجرد رؤيتهم.
وكنت أتمنى دراسة ظاهرة الشخير أثناء النوم؟! ولماذا يزداد شخير الإنسان وهو نائم عقب مشاهدته للبرامج السياسية؟! ويكون الشخير بسيطًا أو هادئًا وناعمًا كالموسيقى أثناء النوم عقب مشاهدة المسلسلات الأجنبية المدبلجة للعربية!
كان على الفضائيات أن تهتم بموضوع النوم، فأحد فوائد النوم هو «تجديد نشاط الجسم وحيويته وتجديد بناء خلاياه وإمداده بالطاقة اللازمة، والقدرة على التركيز والاستيعاب والذكاء» وهذا بالضبط ما تحتاجه أغلب الفضائيات الآن، أن تنام قليلاً، حتى تستعيد حيويتها وتألقها وأدبها وذوقها وعفة لسانها!
نعم ناموا لساعات أو ليوم أو لأسبوع! ناموا واستريحوا من هذا الجهد الخارق والحارق الذى تبذلونه طوال 24 ساعة ــ بلا دقيقة نوم ــ من أجل إسعادنا وإمتاعنا وترفيهنا بكل ما هو لطيف وخفيف وظريف من دجل وكذب وهمبكة وشذوذ وقرف!
ناموا واشبعوا نوم لأن نوم الظالم عبادة!
أما نوم الفضائيات ــ بكل ما تبثه من أشياء عجيبة غريبة فهو راحة وسعادة لملايين المشاهدين.
ناموا وتصبحون على ألف خير يا فضائيات أفسدت عقولاً، وخربت بيوتًا، ناموا والمسامح كريم.
ثم إن «نومكم» هو مساهمة ضرورية ومشاركة إعلامية فى الاحتفال بعيد النوم الذى يحتفل به العالم كله.