الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
.. وما الفضائيات إلا فزورة كبيرة!

.. وما الفضائيات إلا فزورة كبيرة!






عشنا سنوات طويلة جدًا و«الفوازير» أحد المقررات الرمضانية ليس على المشاهد المصرى وحده بل والمشاهد العربى!
كانت «فوازير رمضان» الإذاعية أولًا ثم التليفزيونية بعد ذلك بمثابة «سر حربي» مبهم يحرص أبطاله من مؤلف ومخرج وبطلة أو بطل على كتمان تفاصيله وموضوعه حتى يحين بدء عرض أولى الحلقات!
فوازير تلك الأيام كان يكتبها عمالقة الكتابة والاحترام والذوق من بيرم التونسى وصلاح جاهين إلى مفيد فوزي، الذى ظل يكتبها باقتدار وحرفنة لأكثر من عشر سنوات وإلقاء وتقديم الصوت العبقرى «آمال فهمي» صاحبة أشهر برنامج إذاعى وهو «على الناصية».
ومن زمن الفوازير المسموعة جاء زمن الفوازير المرئية عبر شاشة التليفزيون، كانت البداية مع ثلاثى أضواء المسرح: جورج سيدهم - شفاه الله، والضيف أحمد «رحمه الله» وسمير غانم عبقرى الارتجال وصاحب البسمة النبيلة، فوازير بسيطة سهلة مسلية ثم جاءت النقلة بفوازير «عمو فؤاد» للأستاذ الجميل، فؤاد المهندس، وكانت تخاطب الأطفال ببساطة ويسر ومتعة لا حدود لها.
وتتوالى الرحلة الفوازيرية مع المبدعة المتألقة «نيللي» ثم «شريهان» ثم «فطوطة» تلك الشخصية التى كان يقاسمها البطولة سمير غانم.
كانت فوازير راقصة، لكنها لم تخدش الحياء، لم تكن الأسرة المصرية أو العربية تخجل من مشاهدة رقص وأداء «نيللى وشريهان» والأهم من ذلك كان المضمون الذى تحتويه الفزورة.
ودار الزمن دورته، غابت أشياء، وحلت أشياء، رحلت أسماء لا تعوض!! وحلت مكانها أسماء لا صوت ولا صورة ولا أى شيء، وغابت الفوازير ورحلت واختفت فى صمت.
كان تليفزيون الدولة أو قطاع الإنتاج وقتها هو المنتج، لكن تليفزيون الدولة قرر أن يريح ويستريح من ذلك كله، وترك الأمر برمته للقطاع الخاص والصناع الجدد الذين ظهروا فجأة!
روائع الدراما التليفزيونية التى عشنا معها أجمل اللحظات وأسعد الأوقات كانت من إنتاج واختيار تليفزيون الدولة، من رائعة «ليالى الحلمية» بأجزائها الخمسة وأسامة أنور عكاشة كتابة وإبداعاً لإسماعيل عبد الحافظ إخراجًا وبطولة نجوم أفذاذ: يحيى الفخرانى (الباشا) صلاح السعدنى (العمدة) وأنعام سالوسة وإلهام شاهين وأثار الحكيم وغيرهم وكذلك كانت مسلسلات «رأفت الهجان» التى كانت شوارع العالم العربى كله تخلو من المارة وقت إذاعتها.. وغيرها وغيرها..
صار تليفزيون الدولة يلهث وراء مسلسلات نصف كم وأحيانًا «ربع كم» تم سلقها أو تصويرها فى بضعة أيام، وتخلى عن برامج المنوعات ليشترى برامج جاهزة بلا مضمون، وتخلى عن أشياء كثيرة.
ما أكثر المشاجرات والمشاحنات بين أبطال وبطلات هذه المسلسلات والتردد على مكتب وزير الإعلام من أجل عرض مسلسلهم فى وقت مميز، وأن يكون ذلك على القناة الأولى لا الثانية، وألا يكون موعد العرض فجرًا.
انتهى ذلك الزمن كله، ولم يعد أصحاب هذه المسلسلات يهتمون بعرضها عبر شاشة تليفزيون الدولة، فقد امتلأت السماء بفضائيات وقنوات لا حصر لها تملأ الدنيا زحامًا وضجيجًا وزيطة وربما إسفافاً وسفاهة!
كان كل بطل لمسلسل أو بطلة يعتبر أن عرض مسلسله فى رمضان هو الجائزة الكبرى، بل كان شهر رمضان هو شهادة ميلاد عشرات النجوم والنجمات.
اختفت أشياء كثيرة جميلة كنا ننتظرها بشغف وعلى رأسها «الفوازير» لم يعد للفوازير الدرامية وجود بعد أن امتلأت حياتنا بكل أشكال وأنواع الفوازير السياسية والاقتصادية، من فوازير الأحزاب إلى فوازير النشطاء  إلى فوازير الألتراس، إلى فزورة الدورى بدون جمهور؟!
كان يوسف وهبى يرد دائمًا «وما الدنيا إلا مسرح كبير» لكننى أقول: «وما الدنيا إلا فزورة كبيرة»! والأصح: و«ما الفضائيات إلا فزورة كبيرة»!