الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إعلامى راتبه 156 مليون دولار سنوياً!

إعلامى راتبه 156 مليون دولار سنوياً!






أظنك سمعت عن محطة «ديسكفرى» الفضائية الأمريكية!
لكنى لا أظن أنك تعرف رئيسها «ديفيد زاسلاف»، وأنا أيضا ولست وحدى الذى لم أكن أعرف اسمه من قبل!
 هذا الرجل الذى لا نعرفه يتقاضى سنويا راتبا قدره 156 مليون دولار، نعم مائة وستة وخمسين مليون دولار! أى حوالى ثلاثة عشر مليون دولار فى الشهر (اللهم لا حسد عقبال السامعين والقراء أيضا) وقصة هذا الرجل وراتبه الخرافى الذى يزيد عاما بعد عام قرأتها مؤخرا فى تحقيق صحفى ممتاز بجريدة «الشرق الأوسط» اللندنية كتبه من واشنطن الأستاذ «محمد على صالح» بعنوان مثير لافت للانتباه هو: هل يستحق رئيس تليفزيون «ديسكفرى» 13 مليون دولار شهريا؟!
 الإجابة نعم! فهو الدجاجة التى تبيض ذهبا وياقوتا ومرجانا لمحطة ديسكفرى وشقيقاتها!
والحكاية ببساطة بدأت عام 2007 (أى منذ ثمانية أعوام) عندما حصل على منصبه الحالى، وخلال هذه السنوات حقق الرجل ما لم يتحقق من قبل!
1 - ارتفعت قيمة شركة ديسكفرى من خمسة إلى عشرين مليار دولار!
2- ارتفع عدد مشاهدى محطات الشركة (أكثر من مائة محطة) من حوالى مائتين وثمانية ملايين مشاهد إلى حوالى مليار ونصف مليار مشاهد فى قرابة مائتى دولة من العالم (ولسة)!
3- كان دخل ديسكفرى عام 2007 حوالى ثلاثة مليارات دولار، فوصل إلى ثمانية مليارات دولار!
 ورغم هذا النجاح المذهل والمدوى - حيث الأرقام تتكلم ولا تكذب - فالرجل دوما يشيد بجيوش الصحفيين والفنيين والموظفين الذين يعملون فى شركته! ولهذا يقول البعض إن الشركة - عموما - تستحق كل هذه الأرباح بسبب إبداعها بصرف النظر عن دخل «ديفيد زاسلاف» البالغ الضخامة (شىء لا يصدقه عقل!)
بقى أن تعرف أن شركة «ديسكفرى» تأسست عام 1985 أى منذ ثلاثين عاما وتبث أكثر من مائة محطة على ثلاثين شبكة بأكثر من ثلاثين لغة فى أكثر من 170 دولة، كل ما يخطر على بالك تقدمه لك هذه المحطات مثلا «ديسكفرى وورلد» تهتم بالاكتشافات والاختراعات والاستكشافات العلمية، أما «ديسكفرى ساينس» فتهتم بكل البحوث العلمية والتكنولوجيا، ومحطة «بيوند تومورو» - ما وراء الغد - فتهتم بأحدث التقنيات التى تم التوصل إليها وتطبيقاتها.
ومن محطاتها أيضا - وياللعجب والغرابة - محطة «هاوميد» عن كيفية عمل الأشياء والاختراعات، حتى برامج التسلية فهى تتناول الموضوعات العلمية.
وتطول قائمة محطات شركة «ديسكفرى» بأرباحها الخرافية، لكن ما حيرنى وأزعجنى كيف تحقق هذه المحطات كل هذا النجاح المذهل والخرافى لدرجة أن يشاهدها مليار ونصف مليار مشاهد على سطح الكرة الأرضية دون أن يكون بها برامج «توك شو» أو برامج العلاج عن بعد سواء بتسخير الجن أو إحضار العفاريت.
لا برامج طبخ أو هز وسط أو إعلانات الشفط والنفخ والمراهم التى تمنح الرجل قوة الحصان أو الصاروخ وتجعل المرأة ساخنة سخونة البراكين!  ولا برامج رياضية واستديوهات تحليل بالساعات والضيوف يحللون ويثرثرون حول صحة فاول أو عدم صحة تسلل ونعيد ونزيد فى اللقطة الواحدة عشرين تلاتين مرة!
تصوروا كل هذا النجاح المذهل والمدوى دون وجود مذيع أو حد يتصور نفسه «لارى كنج» أومذيعة تظن نفسها «بربارا والترز».. ودون محللين وخبراء وأفندية وهوانم ونشطاء وحركات وائتلافات.
وأسأل نفسى، ماذا لو أن السيد «ديفيد زاسلاف» تسلم منصبه وهبط عدد مشاهديه وتناقصت الأرباح؟! أما عندنا - فى عالمنا العربى السعيد جدا جدا - فأنت لا تعرف سر بقاء واستمرار عشرات المحطات التى لا يشاهدها أحد ولا توجد بها إعلانات وتسمع عن زيادة رواتب بالملايين لمن يعملون بها!
لا أريد أن أدخل فى النوايا، وبعيدا عن فكرة المؤامرة ومصادر التمويل والشبهات التى تدور حوله، وبعد تفكير عميق - عمق المفكرين والفلاسفة - توصلت إلى أن «زاسلاف» حالة شاذة ونادرة، فالقاعدة عندنا أن الشركات والمؤسسات الخاسرة تصرف أرباحا لموظفيها والعاملين بها، والفرق الرياضية التى تخسر تتقاضى مكافآت إجادة والهزيمة بشرف.
الأصل عندنا أن المشروع يخسر ويفلس لكن لابد من صرف أرباح ومكافآت وحوافز! مش كده ولا إيه؟!