الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فضائية عربية للملابس الداخلية!

فضائية عربية للملابس الداخلية!






لم يخطر ببال الكاتب الكبير الأستاذ «أنيس منصور» أن تتحقق أمنيته التى تراجع عنها إلا هذه الأيام وعبر ساعات بث طويلة!
أما الأمنية ـ وحسب اعترافه فى مقدمة كتابه «شارع التنهدات» ـ فهى كما قال: «كان فى نيتى أن أترجم موسوعة بديعة عن «الملابس الداخلية» وهى محلاة بأجمل الصور واتفقت مع صديقى الناشر «إبراهيم المعلم» واشترطت أن تكون الترجمة باسم آخر غير اسمى «!!» واشترط أن تكون باسمى، ولم تصدر الموسوعة لأننى رفضت، ولكن بقيت رغبتى فى أن أستعرض تاريخ الملابس والأزياء والأناقة فى كل تاريخها من أيام ورقة توت أمنا حواء إلى شفافيات فساتين مارلين مونرو»!
كتب الأستاذ أنيس هذا الكلام عام 1998 أما الآن ـ سنة 2015 ـ فقط ظهرت إلى الوجود فضائية عربية اسمها «أصايل» ـ ولاحظوا دلالة الاسم العربى الأصيل ـ بدأت أولاً كفضائية رقص شرقى، رقص بكل لون وشكل، ومن جميع الأجناس: مصريات وعرب إلى كل جنسيات العالم.
ساعات طويلة من بث واستعراض الملابس الداخلية النسائية وأحيانًا وعلى استحياء وخجل يتم عرض ملابس داخلية رجالى!
وللحق أقول فإن كل عارضات هذه الملابس سواء كانت القطعة الواحدة فى حكم طابع بريد أو حجم الجنيه المعدنى أو أكبر قليلاً، كلهن من الأجانب، نحافة ورشاقة وخطوات راقصة كلها دلع وأنوثة ـ طبيعى طبعا ـ والعرض الواحد تقدمه عشرة أو عشرين أو أكثر من العارضات أمام ألوف الحاضرين من رجال ونساء فى غاية الوقار والأدب فلا صياح إعجاب ولا صفير دهشة.
أما الغريب فهو أنه أثناء العرض تقوم المسئولة عن العرض وهى سيدة وقورة جادة ـ لابسة من غير هدوم ـ بمعاينة نوع قماش هذه الملابس، فتتحسس القطعة مرة واثنتين ثم تبدى ملاحظاتها ـ لا أعرف ماذا تقول، لأن الكلام كله بلغة أخرى!
وحتى لا يتسرب الملل إلى مشاهدى هذه المحطة، فهى تعرض أيضًا بيجامات وقمصان حريمى، وهى تتبع قاعدة علمية بسيطة، فإذا تم تغطية النصف الأعلى من الجسم، تركوا أغلب النصف الأسفل بحاجات رمزية تكاد تستر، قطعة قماش مساحتها 4 سنتيمتر فى 3 سنتمتر مثلاً.
ساعات بث ومشاهدة الملابس الداخلية لن تسمع فيها كلمة واحدة باللغة العربية، أما ساعات بث ومشاهدة الرقص وهز الوسط وما تحت الوسط، فالألحان عربية صميمة، والكلام عربى، أغانى أم كلثوم ووردة ونجاة وعبدالحليم حافظ.
هل سيقف تطور الفضائيات عند حد عرض الملابس الداخلية وبس؟! لا أعرف؟! هل سنشهد محطات أخرى للملابس الداخلية أكثر تحررًا ونضجًا وموضوعية تناقش موضوعات سياسية واقتصادية عن هذه الملابس؟! هل نرى إحدى هذه المحطات تنتج برامج تستعين فيها بعارضات عرب بدلا من الأجنبيات؟! هل يصل الأمر بأحدهم بأن يدعو لمليونية خلع الملابس الداخلية فتقوم الدنيا ولا تقعد بين دعاة الأخلاق والأدب وبين دعاة الحرية الشخصية إلى آخر مدى؟!
عشرات الأسئلة دارت فى ذهنى ـ الإحراج جعلنى لا أتحدث عنها ـ لكن أغرب وأعجب خبر قرأنه منذ أيام بعنوان «شركة يابانية تطور ملابس داخلية رياضية ذكية قادرة على الحديث»! والخبر نشرت تفاصيله صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، وجاء فيه أن الشركة نجحت فى تجهيز هذه الملابس بأجهزة استشعار يمكن أن تصدر للنساء أثناء التوتر أو النبض السريع، ما يحقق لهن تخفيف الشعور بالتوتر والقلق.. إلخ».
ماذا جرى للدنيا، ولا حاجة اتشقلبت واللى كان كان، كنا زمان نستهجن محلات وسط البلد التى تعرض فى الفاترينة عينات من الملابس الداخلية وتنتفض الأقلام تهاجم هذه المحلات، واللى يعيش يا ما يشوف؟!
هذا زمن شعاره «سيب إيدى» وامسك عقلى واضربه ستين جزمة!