السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدرس المهم فى أستاذ ورئيس قسم!

الدرس المهم فى أستاذ ورئيس قسم!






وسط الزيطة والزمبليطة والغضب العارم والسخط الشديد على مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» من غضب أساتذة الجامعات إلى سخط الحركات والقوى السياسية، فات على الجميع أننا نشاهد مسلسلا كوميديا وعملا فنيا، ولا نشاهد سيرة ذاتية أو فيلما وثائقيا عن أساتذة الجامعة أو حركات اليسار المصرى!
مأساة الزيطة والزمبليطة حول المسلسل تتكرر مع كل عمل درامى يتناول إحدى فئات المجتمع، من المحامين والأطباء والمهندسين إلى رجال الأعمال وسيداتها إلى عالم السجون وما يحدث فيها!
وأبسط ما يقوله أبناء هذه الفئة أو المهنة أن العمل يسىء إلى سمعة مصر وسمعة المهنة التى يتناولها هذا العمل!
وعندما يتعرض عمل فنى - مسلسل أو فيلم مثلا - لرجال الدين سواء كان مسلما أو مسيحيا - بالنقد والتناول الكوميدى ويهب رجال الدين اعتراضا على ذلك، يهبَّ النخبجية والنقاد ليدافعوا عن حرية الإبداع وأنه لا حدود لحرية الإبداع، ولا رقابة عليه إلا ضميره!
لكن إذا تعرض عمل فنى بالتناول الكوميدى الساخر لإحدى فئات المجتمع انتفضوا غضبا ولجأوا إلى المحاكم لمقاضاة العمل والمطالبة بإيقافه!
سخرية المسلسل طالت الجميع بما فيه أداء «الداخلية» قبل 25 يناير وفى أحد المشاهد عندما يذهب د. فوزى جمعة ليتدخل للإفراج عن أحد الطلبة فيقول للضابط «أنا جاى كمان أفرج عن «فولتير»! ويقوم الضابط بسؤال زميل له تليفونيا عن «فولتير» المسجون عندهم!
ماذا جرى لنا، وكيف ضاقت صدور النخبجية إلى هذا الحد وهم الذين يصرخون ويولولون: الإبداع.. حرية الإبداع!
وأتوقف أمام مقال مهم، بل بالغ الدلالة ضاع للأسف وسط طبول الزيطة والزمبليطة عن المسلسل كتبه الإعلامى السعودى المرموق الأستاذ «داود الشريان» فى الزميلة الحياة اللندنية يوم 22 يونيو فى بابه الشهير «أضعف الإيمان» المقال عنوانه «أستاذ ورئيس قسم محتج» قال فيه:
أن يحتج وعاظ ودعاة على مسلسل يتناول شخصية داعية أو واعظ ليس خبرا لكن أن يأتى احتجاج على مسلسل يحكى سيرة واحد من أساتذة جامعات وفى مصر فهذا خبر!
وبعد أن يشرح تفاصيل الخبر يقول: «تعودنا فى مصر خلال السنوات الأخيرة على احتجاجات ضد أعمال درامية، يقدمها غالبا محام محسوب على أحزاب وجماعات التيار الإسلامي، لكن أن يأتى اعتراض على عمل فنى من أستاذ جامعة فهذا موقف جديد».
ويضيف: «كان متوقعا أن يستقبل الأساتذة المحتجون المسلسل بتفاعل مختلف عن الشكوى والضيق بالفن وعدم التفريق بين السخرية والتسخيف مثير للدهشة والاستغراب أن أستاذ جامعة فى مصر ينفر من الفن الساخر، على رغم أن بلاده صانعة الساخرين المبدعين فى كل مجالات الكتابة فضلا عن أنه يدرك أن السخرية لا تقدم حقائق بل خيالا وهميا فى النهاية مجرد لعبة فى اللغة أو معها وفن من فنون الدراما.
ولا شك فى أن هذا النوع من الاحتجاجات التى تضيق ذرعا بالفن وتسعى إلى التضييق عليه مؤشر إلى (الخور الحضارى) وعلامة على البؤس الذى تعيشه ساحتنا الثقافية!».
ويختتم الأستاذ «داود الشريان» مقاله بالقول: الأكيد أن غضب أساتذة جامعات مصرية من مسلسل - ومصر أم المسلسلات - دليل على «الدروشة» التى استبدت بنا ووصل تأثيرها إلى النخب فى مجتمعاتنا».
انتهى كلام «الشريان» وربما كان ذلك هو الدرس المهم فى مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» ويبدو أن النخبجية والعشيرة اتفقا على أن السخرية حرام والضحك حرام والكوميديا حرام!