الثلاثاء 20 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأمة العربية وحرب المقالب الخفية!

الأمة العربية وحرب المقالب الخفية!






برامج المقالب والكاميرا الخفية ظاهرة عالمية تقدمها كل فضائيات وتليفزيونات العالم كله من شرقه لغربه ومن شماله وجنوبه!
وغالبية الفضائيات العربية تقوم بعرض هذه الفقرات من المقالب الأجنبية على شاشاتها، ومقالبهم ــ هناك ــ خفيفة لطيفة تجعلك تضحك بجد، وتبتسم بصدق!
وهكذا كانت بداية برامج المقالب والكاميرا الخفية ــ لطيفة ومسلية كان ذلك زمن فؤاد المهندس وإبراهيم نصر وحسين الإمام، لكن لا شىء يظل على حاله، الدنيا تتطور، وأصبحت اللطافة سخافة، والضحكة صراخًا ولطمًا، أما الشتائم والبذاءات فقد أصبحت ضمن حقوق الإنسان والمشاهدين العرب.
مقالب هذا العام كلها رعب وعنف وصراخ وشتائم، ومعظمها تدور فى الجو (رامز واكل الجو، هبوط اضطرارى  والتجربة الخفية) ثم يأتى برنامج «ريختر 100» وهو لا يقل رعبًا وهلعًا عن الآخرين!
وسواء كانت هذه المقالب «كده وكده» ومتفق عليها بين البرنامج وضيوفه، أو كانت حقيقية، فالمؤكد أن الضيوف سعدوا وفرحوا وانبسطوا بالفلوس رغم الهلع المفتعل والصراخ والعويل، فيها إذا تعرضت لكل ذلك سواء كان حقيقيًا أو تمثيلاً وتقاضيت ستين أو خمسين أو حتى عشرة آلاف دولار؟! فيها حتى لو تقاضيت مبلغًا رمزيًا (لزوم الشاى والدخان) قدره أربعين ألف جنيه! ولا حاجة.
الكل كسبان، الفضائيات وأصحاب البرامج والضيوف والنخبجية والنقاد، فالنخبجية يهاجمون هذه التفاهات التى لا تعبر عن الواقع الثورى للربيع العربى، والنقاد يهاجمونها بحكم العادة السنوية،  وشعار الجميع: إنهم يقولون ماذا يقولون؟! دعهم يقولون؟!
لكن لم ينتبه أحد للتأثير السياسى السلبى لهذه المقالب على مصايب وأزمات ومحن العالم العربى من سوريا والعراق واليمن إلى ليبيا
لم يعد العالم بأسره مهتمًا بالملايين التى ماتت فى صراعات عبثية مرة باسم الثورة، ومرة باسم الثورة المضادة! ولم يهتم أحد بالملايين التى تركت بيوتها وأرضها وحكاياتها وذكرياتها وفرت إلى الحدود والعراء والخيام، لا أحد يهتم!
أظن أن العالم ومؤسساته الدولية من أمم متحدة ومجلس أمن ومئات المؤسسات ظلوا لسنوات يشاهدون هذه المقالب العربية والكاميرا الخفية بكل ما فيها من عنف وقسوة ودماء ومشاحنات، وفى نهاية البرنامج يتعانق ويتصافح الضيف المضحوك عليه(كده وكده) مع مذيع البرنامج، وصافى يا لبن حليب يا قشطة، ثم يتوجه بكلمة للمشاهدين: كل سنة وانتم طيبين!
وهنا بدأت المؤسسات الدولية تراجع حساباتها وإنها حكايات كده وكده، ومقالب كده وكده! فلماذا لا يكون كل ما يجرى فى العراق أو سوريا أو اليمن كده وكده!
حتى بتوقع المقاومة والصمود والتصدى، كله كده وكده، وهناك من يدفع ويمول حتى تستمر الشعارات والبواخات!
لماذا يصدق العالم ومؤسساته أن العالم العربى يتمزق ويتفتت وفضائياته مشغولة بالفرفشة والنعنشة والمهيصة ومسلسلات وبرامج ورخاء وسخاء فى الإنتاج والأجور.
كيف يصدق العالم ومؤسساته أن القتل والدماء والدمار فى سوريا والعراق واليمن وليبيا هى بشاعة إنسانية، ومعظم الفضائيات هناك تبث مقالب غبية وكاميرا خفية، ولماذا لا يتصورون أن العرب يمزحون مع بعضهم وأنه لا قتل ولا دمار ولا حروب بينهم، وأن كل ما يحدث بين العرب ومعهم إنما هو تصوير لهذه المقالب والألاعيب المسخرة!