الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مسلسلات تدمير الوطن والنفوس!

مسلسلات تدمير الوطن والنفوس!






شهدت الفضائيات المصرية والعربية عرضًا وبثًا أكثر من أربعين مسلسلاً، ومنذ أول حلقة فى معظم المسلسلات وحتى نهاية الحلقة الأخيرة من أى مسلسل، لم تسلم هذه الأعمال الدرامية التى أطلق عليها البعض وصف «مهلهلات»!
وإذا كانت الحلقة الواحدة يستغرق عرضها حوالى ثمانين دقيقة، فإن الإعلانات فاقت مدتها ومساحتها مدة المسلسل نفسه، ما بين المشهد والمشهد فقرة إعلانية تتجاوز العشر دقائق وكأن شعار هذه الفضائيات حقوق الإعلان قبل حقوق المشاهد! وفلوس الإعلانات أهم وأجدى من السياق الدرامى.
وطوال عرض هذه المسلسلات لم يتوقف الهجوم على معظمها، إذا لم يكن الهجوم والانتقاد بسبب ما تضمنته من عبارات بذيئة وتلميحات جنسية أو ملابس عارية وزجاجات خمور وحشيش وكوكايين وإدمان ومدمنين، فقد كان الهجوم ضاريًا وحادًا بسبب المضمون الهابط والموضوع التافه الذى لا يشغل بال صاحبه!
ولعل أصدق تعبير عن هذا الغضب من أغلب هذه الأعمال هو مداخلة لأحد الأشقاء العرب فى برنامج تبثه فضائية عربية قائلا: ما نراه فى هذه المسلسلات لا يمثل مصر!
أما الفضائيات الإخوانية والإرهابية التى تبث من تركيا فقد وجدت فرصة ذهبية لا تعوض وصرخت أبواقها هذه هى مصر بعد ثلاثين يونيو.
أما اللافت للنظر ويدعو للدهشة أن عددًا كبيرًا من الفضائيات راحت تستضيف نجوم هذه المسلسلات أبطال وبطلات ومؤلف ومخرج، وأخذ كل واحد يحكى ويلت ويعجن بكلام وثرثرة حول أجواء المسلسل لا مضمون المسلسل، حدث هذا فى الفضائيات المصرية والعربية أيضًا!
الكل تحدث باستفاضة وإسهاب عن جو الحب والألفة، والسعادة التى غمرت الجميع أثناء التصوير، وهو ما جعل كل واحد يتفوق على نفسه فى أداء الدور! (من أربعين سنة وأنا أسمع هذه العبارة البلهاء: فلان تفوق على نفسه ولا أجد من يشرحها لى).
الكل كان سعيدًا البرنامج والمحطة والضيوف، ولم يكلف أحد خاطره أن يستطلع رأى المشاهدين (أمثالك وأمثالى) فهم الهدف الأول الذى يتم التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج من أجله!
المشاهد أو المشاهدة ليس مهمًا، بينما هذا المشاهد والمشاهدة تنفتح أمامهم كل التليفونات وهات يا نقد فى الحكومة وعمايلها! فى هذه المصطبة التى احتفلت بالدراما غاب رأى المشاهد ولم يكن هناك اتصال واحد يبدى رأيه؟! والاتصالات التليفونية الوحيدة التى تم السماح بها كانت من نجوم ونجمات أشادوا بالعمل!
ليل ونهار، ونهار وليل ندمن عبارة عبيطة بايخة بواخة المقالب الخفية والكاميرا الغبية تقول: «الرأى والرأى الآخر» لكن الحقيقة غير ذلك يا عزيزى تمامًا!
ومنذ أيام تحدث أستاذنا الكبير المؤلف «محفوظ عبدالرحمن» فى صالون إحسان عبدالقدوس الثقافى - والرجل قامة وقيمة - ومن أهم ما قاله: «الدراما التليفزيونية لها قيمها الخاصة فى كل دول العالم تقريبًا وأن ما نراه على شاشة الدراما المصرية ليس له مثيل فى أى مكان آخر» وأن العالم يضع هذه المعايير للدراما التليفزيونية لأنها تدخل البيوت وتذهب للمشاهد فى بيته!
وقبل ذلك بأيام صرح الرجل أيضًا من خلال برنامج «العاشرة مساء» للزميل «وائل الإبراشى»: «إن الدراما لم تعد عنصرًا مفيدًا للمجتمع ولكنها تجارة لتدمير العقول وتدمير المجتمع».
وعندما يأتى الكلام من جبرتى الدراما المصرية، فلا كلام بعده، لكن أفندية الدراما الآن يعيشون زمن دراما البوكسر، دراما جنى الفلوس قبل تهذيب النفوس، دراما تدمير الوطن والنفوس!