الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إشكالية الحمار والقرد فى الفضائيات

إشكالية الحمار والقرد فى الفضائيات






هذا خبر يستحق الاهتمام وتأمل دلالاته، وهو يتعلق بنا ولو كان بشكل غير مباشر!! الخبر بطلته وزيرة العدل الفرنسية.. كريستنان توبيرا فمنذ أيام أبدت محكمة الاستئناف فى باريس حكمًا بتغريم مجلة اسمها «مينوت» بمبلغ عشرة آلاف يورو لأن المجلة فى عدد سابق شبهت الوزيرة صاحبة البشرة السوداء بأنها.. خبيثة مثل القرد..!!
ومنذ تولى الوزيرة لمنصبها عام 2012 وهى تتعرض لبذاءات وشتائم عنصرية وتقول فى أحد حواراتها: «اتعرض لأمانات متصلة بالقردة والموز منذ فترة طويلة» وقالت أيضًا «أنا امرأة سوداء البشرة، صوتى مرتفع، ولا أنسحق أمام من يشتمنى»!!
وفى العام الماضى وصفها أحد نواب حزب الجبهة الوطنية بالقرد وقام القضاء بتغريم هذا النائب بثلاثة آلاف يورو!! كما حكم القضاء على سياسية فرنسية هى «آن صوف كلير» بالسجن تسعة أشعر ومعها من مزاولة السياسة لمدة خمس سنوات بعد أن شبهت الوزيرة بالقرد.. وذلك فى حوار تليفزيونى مع قناة «فرانس» وقالت: أفضل أن أراها بين غصون شجرة على أن أراها هكذا فى الحكومة».
الغريب أن مدير مجلة «مينوت» قال: أن ما حدث لا يعتبر عنصرية أو تمييزًا عرفيًا بل ذوق سيئ من جانب محررى المجلة «لكن المحكمة رفضت كلامه واكدت أن السخرية وروح الفكاهة لا ينبغى أن تنطوى على إشارات عنصرية»!!
وأعود إلى «اعلامنا وفضائياتنا التى صارت اكثر من الهم على القلب، وأسألك هل حاولت أن تحصى عدد المرات التى تفوه فيها مذيع أو مذيعة أو ضيوفه بكلمات وعبارات من عينة ونوعية: ياحمار!!
كل برنامج يعد فاشلا إذا لم تتخلله شتائم وسخائم وعبارات السخرية التى أبسطها عندما يقول ضيف لضيف: اسكت يا حمار!! فيرد عليه: اخرس يا كلب يا عميل يا إمبريالى! وهكذا ملحمة ووصلة من السفالات!
وللحقيقة والتاريخ فلابد أن نعترف بالريادة والسبق فى هذا المجال لقناة الجزيرة القطرية وبرنامجها الشهير «الاتجاه المعاكس» للمذيع «فيصل القاسم» هو الذى بدأ هذه المدرسة فى العالم العربى، ولم يحدث أن أوقف ضيفا وصف الضيف الآخر بأنه حمار أو جحش! لم يحدث بل تجده سعيدًا منتشيًا بما يراه ويسمعه!
وبعد أن ملأت سماء الفضاء العربى اكثر من ألف وأربعمائة فضائية على كل لون ياباتيستة.. أصبحت هذه المفردات ثابتة فى كل برنامج، وسرعان ما اقتحم الساحة المشاهدون الذين يشاركون على الهواء فى مداخلات تليفونية: وهات يا شتائم وسفالات، وما أكثر ما شاهدنا نماذج عجيبة غريبة على الهواء، كأن تتصل مشاهدة من بلد ما لتبدأ فى تحية المذيعة وضيوفها الكرام ثم فجأة وبدون سابق انذار تنطلق فى شتمهم.
فى أحد البرامج كان المذيع يخاطب المشاهدين وفجأة توقف عن الكلام ثم أخذ يشتمهم قائلا: ياحمار منك له، يا بهيمة منك ليها افهموا بقى!
ولو حدث هذا فى الخارج لقامت الدنيا ولم تقعد، لكن هنا يبتسم المشاهد ومثله آلاف المشاهدين ويعتبرون ما سمعوه من قبيل المزاح والهزار!
وإذا قرر أحد المشاهدين أو المشاهدات إقامة دعوى قضائية ضد المذيع أو المذيعة صاحب وصاحبة هذه العبارات فسوف يولول وينتخب النخبجية وبكون على إهدار الحريات: حرية أن يشتم مذيع شعبًا بأكمله.
ولو تم تغريم فضائية ما فسوف تنتفض دكاكين حقوق الانسان والإعلام دفاعًا عن الفضائية التى تعتبر الشتائم أحد ألوان الأدب، وتعتبر بذاءات تصدر عنها ما هى إلا حرية الرأى.
وبمناسبة «القرد» دعونى أذكركم بالعبارة الشهيرة للرئيس المعزول «مرسى» عندما تساءل وسط عشيرته وجماعته: القرد لما يموت القرداتى يشتغل إيه؟!
ولا أعرف سبب تجاهله للمثل الشعبى: القرد فى عين أمه غزال!