الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إثيوبيا بين مبارك ومرسي

إثيوبيا بين مبارك ومرسي







 
 
 
 
قطعنا الغاز عن إسرائيل وكان الرد قطع المياه عن مصر.. هذا هو العنوان الذى توصلت إليه من خلال ما يحدث على الأرض.
نعم هناك تصميم على تفتيت مصر.. وتهديدات سد النهضة واضحة.. العالم لا يسعد أن تكون مصر قوية متماسكة غنية.. ومع الأسف هناك أياد مصرية تكرس ذلك هم فى الحكم والمعارضة.
■ كان الله فى عون الرئيس مرسي.. الرجل لم يتوقع يوماً أن يواجه مثل هذه المواقف المؤلمة بدءًا من حصار اقتصادى خانق ومروراً بما حدث من الجانب الإثيوبى بخصوص سد النهضة.
الرئيس مبارك رفض.. نعم..  وهدد ولم يتنازل.. وكان الرد قطيعة مصرية لإثيوبيا وهجوماً من المعارضة فى مصر ضد إهمال أفريقيا.
بالإضافة إلى عملية الاغتيال التى تعرض لها الرئيس السابق وهى أمور زادت من غضب مبارك على السودان وإثيوبيا.. فى هذا الوقت وخوفاً من غضب مصر الدولة أوقفت إثيوبيا تنفيذ إنشاء سد النهضة وأخذت تدرس الخيارات.. وتراجع الاهتمام المصرى بالحدث باستثناء اجتماعات وتصريحات لوزير الري.
بعد الثورة.. فوجئ الشعب المصرى - وأنا منهم - بحالة من الهياج الكلامى والانفعالات.. ودخل على الخط التوجه إلى أفريقيا تعويضاً عن تجاهل مبارك لها.. وتسابق لدخول المكلمة سياسيون.. وإخوان وثوريون وغيرهم.. شرائح متعددة أرادت النيل من مبارك وحكمه ووجدت فى تلك الإشكالية فرص للنيل من نظام ما قبل يناير 2011.. وذهب وقد أطلق على نفسه شعبى وعاد بذكريات عن الزيارة وبكاء زينادى رئيس وزراء إثيوبيا موافقته الفورية للوفد على وقف سد النهضة وإلغاء المشروع، وأقيمت زفة كلامية وتصريحية وتمجيد للرئيس مرسى والإخوان والثوريين وغيرهم.. بمرور الأيام وبعد عودة مرسى بـ 48 ساعة من إثيوبيا أعلن رسميا عن تغيير مجرى النيل الأزرق إيذاناً ببدء البناء فى سد النهضة.
الرئيس مرسى يتحمل مسئولية ما حدث بصفته جامعاً بين كل الخطوط لأنه كالعادة يقود الدبلوماسية المصرية.. وهو صاحب أعلى سلطة فى مصر.. كما كنا نتعامل مع مبارك كمسئول عن النظافة والكهرباء وقرار الحرب.
الرئيس مرسى يشعر بالمرارة.. لأنه لم يكن مدركاً أن السياسة الخارجية للدول لا تتأثر بالدموع ولا النيات الحسنة.. بل هى تعتمد على مصالح وميزان القوى.. الرجل أراد بالفعل أن يفتح ذراع البلد لإفريقيا حيث الجذور.. لكنه لم يتوقع أن يكون الرد من إثيوبيا بهذه المهانة.
أنا ضد الحرب والكلام الذى لم يعد يعترف به العالم.. لكن أولاً أدعو المهتمين برفع تصور للمشكلة والأضرار.. وكيف يمكن أن تحقق المصلحة فى ظل تلك التغييرات المهمة.
أما حكاية التحدث خلف الميكروفونات فأعتقد أنها سياسة عقيمة لن يعود مرة على الدولة بأى خير.. المشكلة أن هناك سقوطاً فى السياسة الخارجية.. وأعتقد أن الرئيس أصبح مدروكاً لخطورة خطوات الدبلوماسية المصرية والتى كانت وراء حصار عالمي ضد مصر وانصراف دول - كانت الأقرب إلينا - عن مساندة مصر.. وأقصد تحديداً السعودية، الإمارات، الكويت وغيرها وهى دول محورية ومهمة للأمن القومى المصرى والعكس.
حكاية سقوط الدبلوماسية المصرية فى عهد مرسى وإصابتها بأضرار أمر يجب الانتباه إليه وإعادة النظر فى كل من يعمل داخل تلك المنظومة!
أعود لسد النهضة.. وأترقب رد الفعل وأعذر الرئيس مرسى برغم غضبى الشديد من ديكتاتوريته وعدم إيمانه بوجود كوادر مهمة فى المجالات المختلفة من خارج الإخوان وضرورة الاستعانة بهم فى تلك المرحلة الحرجة.. وإصراره فى «عند» واضح على تجاهل المعارضة بشأن توافق حقيقى يتيح لمصر أن تضرب الحصار المفروض حولها، وهو ضمن حزمة شروط البنك الدولى وأمريكا وغيرهما.
أتصور أن الرئيس مرسى أصبح أكثر خبرة بشئون البلد والعالم وهو الآن اطلع على خبايا السياسة وآثارها وحقائق الأمور وأتصور أن يبدأ الرجل فى حشد الشارع لمساندته مرة أخرى وهذا لن يتأتى إلا بالتوافق وتقاسم السلطة و«لم الشمل» وهى مبادرة أرجو ألا تجىء من أطراف يحركها الإخوان وإلا فقدت معناها كما حدث فى السابق.