الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر عامرة بالخيرات.. لو لدينا إرادة السوريين!

مصر عامرة بالخيرات.. لو لدينا إرادة السوريين!






رغم مرورهم بظروف صعبة، أرغمتهم على ترك ديارهم وبلادهم، إلا أن السوريين استطاعوا تحقيق نجاحات باهرة فى السوق المصرية، بعد أن رفضوا الاستسلام للقب «لاجئ»، وسعوا إلى رزقهم، فالتحقوا بسوق العمل المصرية فى العديد من المجالات، سواء كانت صناعية أو تجارية، واستطاعوا فتح محال متنوعة، تقدم الأطعمة السورية، التى أحبها المصريون وتهافتوا عليها، ما جعل بعض الشباب السورى يتحول من «عمّال صغار» إلى «رجال أعمال»، وتأقلموا مع الأجواء المصرية بشكل سريع، لدرجة أنهم أصبحوا مصريين أكثر من أبناء مصر نفسها!
الصدفة وحدها قادتنى لمقابلة أحد أصحاب المطاعم السورية فى المهندسين، حكى لى الرجل تجربته المفرحة، المعبرة عن مدى المثابرة والاجتهاد، قال لى إنه عندما أتى إلى مصر لم يكن معه رأس مال، فعمل فى أحد المطاعم، وبعد فترة تعرف على عدد من الشباب المصرى، متعطلين عن العمل، لكنهم يمتلكون مبلغًا من المال ينفقون منه على ذواتهم، فاتفق معهم على التشارك لفتح محل للأكلات السورية، قال لى إنهم فى البداية كانوا متخوفين من ضياع رأس مالهم على عتبة هذا المشروع، إلا أنه استطاع أن يقنعهم بأن المشروع سوف يحقق لهم أرباحاً كبيرة، وبشكل سريع.
وقد صدق الشاب السورى، إذ أكد لى فى حكايته: «أنه بعد ما يقرب من عام واحد استطاع المطعم أن يكسب رأس المال بالكامل، إضافة إلى عملنا فى المطعم الذى نملكه، وروحنا ننفق من أرباحه على أنفسنا وعائلاتنا، والآن أصبحنا ـ أنا وشركائى المصريين ـ من كبار رجال الأعمال فى هذا المجال، بعد أن ذاع سيطنا واشتهر مطعمنا فى المنطقة».
«إن مصر أرض خصبة للاستثمار والتقدم، ومناخها مهيأ لاستيعاب كل معدلات البطالة والقضاء عليها، لكن لا يوجد لدى شبابها الإرادة، إذ يفضلون الانتظار فى طوابير طويلة من أجل العمل لدى الحكومة» هذه رؤية وتقييم الشاب السورى (رجل الأعمال) عن السوق المصرية.
وأضاف: «إن بعض الشباب المصرى كسالى، فهم ينتظرون العمل الميرى، الذى قد يطول لسنوات، وقد لا يأتى، ما جعل المقاهى هى الملاذ الوحيد لهؤلاء الشباب، بعد أن قضوا فترات دراستهم، وحصلوا على أعلى الشهادات، لكنهم ارتضوا أن يصبحوا فى سوق العاطلين».
الشاب السورى له قصة كفاح مهمة، بدأت قبل نزوحه إلى مصر، فقد تخرج فى سوريا فى كلية الهندسة، نفس عام اندلاع الثورة السورية، حيث أمل أن تتحسن الأحوال فى بلده، ومن ثم البحث عن عمل يجعله يحيا حياة كريمة، إلا أن الثورة فى وطنه تحولت إلى اقتتال أهلى، لم يستطع معه الاستمرار فى البلد، حيث لا مستقبل ولا وطن، فجاء إلى مصر مع أسرته، وطن جديد ومستقبل لا معالم له، لم يجد عملا فى تخصصه طبعا، لم ييأس ولم يلعن الظروف، بل اتجه إلى أقرب مطعم فى مدينة 6 أكتوبر، اشتغل فيه عاملا باليومية، ومع مرور الوقت أصبح أهم عامل فى المطعم، وكون مبلغًا من المال أسس به حلمه بالتشارك مع شباب مصرى لهم نفس الحلم، حلم الاستقرار والمستقبل الهادئ.
هذا الشاب السورى ـ وأمثاله من السوريين ـ لم يكونوا وحدهم من استطاعوا أن ينجحوا فى سوق العمل فى مصر بمجهودهم الذاتى، بل سبقهم إلى هذا المسلك إخواننا العراقيون، واليمنيون، وغيرهم من جنسيات عدة. فكل هؤلاء رأوا أن مصر هى الأفضل من بين كل الدول فى سوق العمل، وأنها الأقرب إلى الأسواق التصديرية، خاصة إلى دول الخليج وأوروبا وإفريقيا.
طلبت من الشاب السورى، أن يوجه رسالة إلى الشباب المصرى قال: «الأعمال الحرة هى مفتاح الخلاص من البطالة، فهى تدر أموالاً كثيرة بعيداً عن العمل فى الوظيفة الميرى، مصر يمكن أن تتحول إلى أكبر دولة استثمارية فى المنطقة، إذا ما فكر هؤلاء الشباب المتعطلين بجد ونشاط فى عمل مشاريع صغيرة، بعيداً عن العمل الحكومى.»
هل سيأخذ شبابنا بتلك النصيحة، التى يقولها شباب يعد نموذجًا للنجاح، ترك أوطانه، وجاء إلى مصر لا يملك شيئًا، لكنه الآن أصبح من الأغنياء، فى سنوات بسيطة، بفضل جهده ومثابرته؟