الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روشتة الخلاص من شر العنف الدموى

روشتة الخلاص من شر العنف الدموى






مع كل عملية إرهاب خسيسة، تطفو الخناقات على السطح: مَن المسئول عن التطرف؟ مَن المقصر فى مواجهة الإرهاب؟ كيف يمكن القضاء على الفكر الداعشى عدو الإنسانية والدين؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تُطرح فى كل أرجاء الوطن، لكن لا نصل إلى حل للمعضلة، ولا يتوصل أى طرف إلى تشخيص حقيقى لعَرَضْ المرض.
الحقيقة أن محاربة مرض الإرهاب، يحتاج إلى بحث وتقصى عن علاج حقيقى للخلاص من شر العنف الدموى، وهذا لن يحدث إلا بقتل السبب الأصلى فى نموه، وانتشاره، وتفشيه فى مجتمعنا وكل المجتمعات العربية والإسلامية.
فالإرهابى قاتل مجرم، وفاسد، ومختل عقليا، يسيطر عليه الجهل والفهم الخاطئ لأمور دينه، جعله يهدم كل تطور، بعد أن كره الحياة والمستقبل وأصبح يفكر فقط فى الانتقام من كل شىء حوله، فهو لا يفرق بين مسلم ومسيحى، كبير أو صغير، الجميع بالنسبة له سواء، لا يستحقون الحياة!
والبعض يؤكد أن المؤسسة الدينية المصرية، وعلى رأسها مؤسسة الأزهر الشريف، هى المنوط بها تطوير المناهج الدينية لتصحيح الأفكار. ورغم إيمانى المطلق بدور الأزهر الشريف - كأكبر مؤسسة دينية فى العالم الإسلامى ـ وأن عليها دور مهم جدًا فى تطوير الخطاب الدينى، وتنقيته من الأفكار الهدامة، إلا أن الأزهر الشريف هو أقل المؤسسات التعليمية التى يتخرج فيها متطرفون.
فإذا نظرنا إلى فترة الثمانينيات والتسعينيات عندما انتشر الإرهاب والتطرف فى الجامعات المصرية، خاصة جامعات أسيوط والمنيا وسوهاج، لم يتأثر طلبة الأزهر بالتطرف، رغم وجود أكبر فرع لجامعة الأزهر فى أسيوط. وأذكر يومها أن الأزهر أكد "أن طلابه بعيدون عن الإرهاب والهمجية، لأنهم يدرسون صحيح الدين الوسطى" وحتى فى السنوات الأخيرة التى شاهدنا فيها خروج مظاهرات من جامعة الأزهر - بالتزامن مع حكم الإخوان - فإن ذلك كان نابعًا من محاولة الجماعة الارهابية للتأثير على الطلاب، ودفعهم للتظاهر، حتى تؤكد للعالم الخارجى أن الأزهر الشريف يؤيدها، وهذا عكس الحقيقة تماما.
فالأزهر الشريف يتخرج فيه آلاف الطلاب كل عام، لا تزيد نسبة التطرف بين طلابه بضع مئات لا يمثلون نسبة تذكر، بعكس جامعات أخرى. وهذا لا يعفى الأزهر من مسئولية التنوير ونشر الإسلام الوسطى.
لذلك لا بد أن تشمل محاربة الأفكار المتطرفة كل الجهات المسئولة فى الدولة، ولا تترك الأمر فقط لمؤسسة الأزهر والأجهزة الأمنية.
إن حماية أبنائنا من التطرف تبدأ من المرحلة الابتدائية، من داخل الأسرة، ومن قلب مراكز الشباب والأندية، ومن عصب وسائل الإعلام، ومن المسجد والكنيسة.
فالمجتمع كله منوط به نبذ الأفكار الإرهابية، العنيف منها والناعم، وبث روح التآخى والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، ودفع المجتمع للتمسك بالقيم والأخلاق التى يتحلى بها المصريون من قديم الزمان وضاعت فى السنوات الأخيرة، وسط زحمة الأفكار الهدّامة، التى تتلقفها العقول (ليل - نهار) من وسائل الإعلام تارة، ومواقع التواصل الاجتماعى تارة أخرى.
مصر حاليا تحتاج إلى تكاتف أبنائها، ومؤسساتها، من أجل بناء وطن ينبذ العنف والتطرف. تحتاج من كل فرد فى المجتمع أن يكون إيجابيًا، ينشر السماحة، ويرفض الإرهاب وفكر الدم، تلك هى الأمانة المعلقة فى أعناقنا جميعًا.
فمن أجل مستقبل أولادنا، نتمنى أن يكون وطننا أفضل بسواعد وجهود كل أبنائه، وسيكون هكذا بفضل الله تعالى.