الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ذئاب منفردة

ذئاب منفردة






لم يبذل الإرهابيون ممن هاجموا  مسجد الروضة فى بئر العبد أى جهد لإخفاء انتمائهم.. رفعوا أعلام داعش على سياراتهم - بحسب شهود العيان وما أثبتته التحقيقات -  لكن المثير أن التنظيم العاشق للإعلام والذى يجند محترفين فى التصوير والمونتاج، لم يعلن حتى مسئوليته!

 مرت 10 أيام وعادت الصلاة فى المسجد، الجمعة الماضية، لتعلن الدولة المصرية من خلالها، أن الإرهاب لن يكسرنا، وبعد عودة الصلاة فى المسجد بيوم واحد وتحديدا السبت عادت أيضا الصلاة فى كاتدرائية مارجرجس بطنطا، التى تعرضت لهجوم إرهابى يوم 9 إبريل الماضى، أثناء الاحتفال بـ«أحد السعف»، وأسفر عن سقوط عشرات الشهداء والمصابين.
إذن 10 أيام على أبشع جريمة إرهابية ترتكبها داعش، ولا تعلن عنها، ويبدو أنها لم تمارس هويتها المفضلة فى تصوير الحدث لبثه عبر منابرها على الإنترنت!
السؤال الذى يفرض نفسه بقوة هنا، هل  تفكك التنظيم أو بدأ فى التفكك، وأصبحت هناك ذئاب منفردة، تعمل بمفردها؟!
الإجابة على السؤال تقتضى البحث أولا عن شكل التنظيمات الإرهابية التى تعمل فى جزء من شمال  سيناء. 
وتقتضى أيضا دراسة متأنية للبيانات التى صدرت من التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل «جند الإسلام» والمرتبط بالقاعدة والذى دان العملية بشدة.
عملية الإدانة وعملية عدم تبنى الحادث، يضعنا أمام احتمال آخر قوى.. هو الصراع بين التنظيمات الإرهابية على فرض السيطرة على المناطق التى تعمل فيها.
عملية داعش فى قرية الروضة ليست بعيدة أيضا عن الانتقام من قبيلة السواركة والتى أسس عناصر منها «جماعة جند الإسلام»، الموالية لـ«القاعدة»، بسيناء
الجريمة الإرهابية فى مسجد الروضة – سواء تمت من ذئاب منفردة أو بعلم قادة التنظيم – تعلن بقوة أن حالة اليأس والنهاية للتنظيم اقتربت بقوة ،وتعكس أيضا حالة الضعف التى وصل اليها نتيجة الحصار، والضربات الأمنية الناجحة والمتتالية وقطع معظم محاور إمداداته اللوجيستية، والتى أوقعت  خسائر فادحة فى صفوف التنظيم الإرهابى.
«داعش» بادرت بالهجوم على مخازن «القاعدة»  أكتوبر الماضى، فى محاولة الاستيلاء على الأسلحة والمعدات والذخائر، ما يعكس تأثرها الشديد بالحصار المفروض عليها، وهو مايعيد للأذهان صراع التنظيمات فى سوريا والذى عجل بنهايتهم .
دور داعش انتهى تقريبا فى سيناء بعد العملية الأخيرة، فالتنظيمات الإرهابية الأخرى كالقاعدة وجدتها فرصة لتعلن عن نفسها من جديد وتحاول بناء قواعدها واكتساب بيئة حاضنة جديدة وكسب تعاطف ومؤيدين جدد.
قبائل سيناء  أعلنت الحرب على الإرهابيين بالتنسيق مع الجيش المصرى و توعدت المتعاونين مع الارهابيين بالعقاب ،وهو مايعنى فقدان التنظيم للمزيد من البيئة الحاضنة.
اتحاد قبائل سيناء جدد تأييده ومساندته للقوات المسلحة  والشرطة فى الحرب ضد الإرهاب، مؤكداً أنه يقف بكل قوة وحزم مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشدداً على التمسك بحق الدفاع ضد المتطرفين والإرهابيين، وأنه سيكون عوناً وسنداً لمصر وقواتها المسلحة وشرطتها، ولن يترك إرهابيا فى سيناء، داعيا إلى حمل السلاح ضد الإرهابيين. 
ومع تحفظنا الكامل على الجزء الأخير من البيان والذى دعا القبائل لحمل السلاح، فهذه مهمة الجيش والشرطة إلا أن السياق العام يؤكد ما قلناه حول نهاية التنظيم بالفعل فى سيناء.
علينا أن ننتبه فالإرهابيين فى سيناء لا يعملونٍ بعيدا عن مخابرات دولية تدير تلك التنظيمات، فالمعركة على أرض سيناء أكبر بكثير من مجرد إرهابيين يرتكبون جرائم فى حق الناس والوطن.
المعركة  على أرض سيناء معركة دولية حقيقية الهدف منها اضعاف الدولة المصرية وادخالها فى متاهات لا متناهية.
الحرب فى سيناء تخضع استراتيجياً لإدارة أجهزة مخابرات دولية، هى من تحدد نهاية تنظيم مثل القاعدة فى فترة ما وتعطى الفرصة لداعش، وهى الآن التى ستعمل على انتهاء دور داعش سريعا، وتفسح مجالا أكبر للقاعدة.
وبالتأكيد مصر لن تسمح بتكرار هذه اللعبة مجددا، فالوقت الذى تنامى فيه دور تلك المخابرات، وقت أن كانت الدولة المصرية فى حالة من الرخاوة فى أعقاب 2011 وحتى 2013  انتهت للأبد.