الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشكلة الأحزاب

مشكلة الأحزاب






لا اعتقد أن ضعف الحياة الحزبية فى مصر وتراجع دور الاحزاب يكفى كمبرر لمهاجمتها واتهامها بالمسئولية عن ضعف المشهد السياسى، وان نتخذ من الحالة سببا للدعوة الى اغلاقها أو الضغط عليها للائتلاف كل مجموعة فى حزب واحد.
الأحزاب المصرية فعلا ضعيفة و لكن لم يسأل احد هل هى وحدها المسئولة عن حالة الضعف الذى تعانى منه؟ و هل من مصلحة قادة كل حزب ان يتراجع حزبهم امام الناخبين والرأى العام؟ و لماذا لم نتساءل عن اسباب اخرى تلعب دورا فى إضعاف الاحزاب و تهميش دورهم؟
اولا: دعوة الاحزاب للاندماج او الائتلاف لا ادرى لها مبررا ولا علاقة بضعف دورها. فالاندماج قرار سياسى من طراز رفيع يتم بين جماعات مختلفة وعلى اسس محددة ووفقا لمعطيات مرحلة تتطلب مثل هذا القرار.
ثانيا: لا يمكن ان تفرض الاندماج على الاحزاب أو ان تعتبر اندماج بعضهم سيزيد من قوتهم وشعبيتهم بالعكس من الممكن جدا ان يؤدى الى المزيد من التشرذم والضعف.
ثالثا: من قال إن هذا العدد الضخم من الاحزاب هو سبب ضعف المشهد السياسى وتراجع دور الأحزاب و لم يسأل احد نفسه .. طب ايه المشكلة لو ظل هذا العدد الضخم الذى سينزوى ويتراجع وينخفض بحكم الزمن، وحتى لو ظل كما هو فلا مشكلة من ورائه.
رابعا: الحقيقة ان ضعف الحياة الحزبية وتراجع دورها فى المشهد السياسى ليس وليد اللحظة وإنما هو موروث من عهود وخصوصا بعد انتفاضة يناير 1977 و ما تداعى عنها من قيود تشريعية وضغوط سياسية اذعنت لها الاحزاب.
خامسا : لا ينكر إلا مكابر ان قادة الاحزاب لم يتمكنوا من استغلال اللحظة التاريخية بعد احداث يناير 2011 وحتى الآن فى تطوير وتعميق علاقة احزابهم بالناخبين مثل ما فعلت التيارات «الاسلامية» وتمكنت من سد فراغ سقوط الحزب الوطنى وحتى بعد ثورة يونيو ظل الحال على ما هو عليه واكتفت الاحزاب بدور المساعد ولم تسع للتحول الى دور قيادى مبادر.
سادسا: المؤكد فى المقابل ان دولة ثورة يونيو لم تسهم فى التعامل مع ازمة الأحزاب السياسية و لم تهتم ببحث الواقع أو لعب دور فى تنشيطها وتوسيع دورها فى المشهد السياسى العام.
سابعا: و لعل الاهتمام الذى أبدته الدولة المصرية لدعم دور الشباب وتمكين المرأة فى مختلف المجالات يُظهر اهمية دور الدولة فى تنشيط حالة قائمة تعانى من مشاكل.
ثامنا : الاحزاب السياسية جزء جوهرى من مكونات الدولة الحديثة وهى الاطار الجامع لالتفاف الرأى العام حول النظام السياسى. أنت تستطيع أن تقود حكومة عبر تكنوقراط وموظفين واداريين من دواوين الحكم، لكنك لا تستطيع قيادة شعب الا من خلال الأحزاب وانصارهم – اللى هم الشعب – من على المقاهى وفى القرى و الاحياء.
تاسعا: النهوض بالحياة الحزبية وتفعيل دورها يحتاج الى نظرة مختلفة ودعوة لحوار واسع و تعديل تشريعى وادارى وقرارات واجراءات حديثة تسهم فى ضخ دماء جديدة فى شرايين الدولة الشابة الجديدة.
ضعف الاحزاب ليس مبررا لانتقادها وإنما للنهوض بها .