
محمد صلاح
يوم الوفاء ورد الجميل
مصر بتاريخها وحضارتها ستظل عظيمة بأبنائها، عصية على أعدائها، وعلى كل خائن خطط وتآمر على استهداف حاضرها ومستقبلها.
الملايين من أبناء الشعب المصرى فى الخارج، قدموا ملحمة تاريخية لا تقل عن الملاحم التاريخية السابقة، وأعطوا درسا جديدا للعالم فى الانتماء وحب الوطن، بعدما استجابوا لنداء الواجب، والوفاء بالعهد ورد الجميل، برفض الفوضى واختيار الأمن والأمان، والانحياز للمستقبل والبناء والتنمية، بالاصطفاف فى طوابير طويلة أمام صناديق الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية.
كعادتهم دائما، أبهر المصريون العالم، مثلما سبق وأبهروه فى ثورة 30 يونيو، و26 يوليو 2013، عندما خرج الملايين إلى الشوارع والميادين لتفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسى وقوات الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب.
على نغمات «قالوا إيه» و«تحيا مصر» و«أبو الرجولة» و«بحبك يا ريس».. عزف المصريون سيمفونية رائعة فى حب الوطن، وانتفض الملايين من كل فج عميق فى عواصم 124 دولة، لتلبية نداء الوطن، ووقفوا فى طوابير طويلة امتدت إلى مئات الأمتار تحت الشمس الحارقة أحيانا، والأمطار الغزيرة والثلوج أحيانا أخرى، حتى وصلوا إلى صناديق الانتخابات، ليؤكدوا للعالم أن مصر ستظل صامدة وقوية خلف قائدها، الذى حمل روحه على كتفه، ليحقق لها الأمن والاستقرار، ومنحها الأمل فى البناء والتنمية، وحلم الانطلاق نحو مستقبل مشرق سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ليصل بمصر إلى مصاف الدول العظمى.
الطوابير الممتدة أمام صناديق الانتخابات فى السفارات المصرية بالخارج، أخرست ألسنة المشككين والمحرضين، ودعاة الفوضى الممولين من قطر وتركيا، والذين استغلوا فضائيات الجماعات الإرهابية ومواقع التواصل الاجتماعى لبث دعواتهم المسمومة لمقاطعة الانتخابات، تلك الحشود أكدت أن المصريين قادرون على تقديم نموذج حضارى لاختيار رئيسهم عبر انتخابات حرة ونزيهة، حرصا منهم على أمن واستقرار مصر ووحدتها فى مواجهة الإرهابيين.
الملحمة الوطنية التى خاضها المصريون كانت بمثابة رصاصة فى قلب كل خائن ومتربص فى الدوحة واسطنبول، وصفعة قوية على وجه الإرهابيين وكل من تسول له نفسه النيل من مصر، ورسالة قوية أن مصر لديها شعب وجيش وشرطة قادرون على حمايتها من أى مؤامرات داخلية وخارجية.
المصريون أثبتوا أن الانتماء وحب الوطن تجاوز الحدود السياسية والجغرافية، فتغلب كبار السن والسيدات والشباب بكل التحديات، وقطعوا آلاف الأميال للتصويت فى الانتخابات، حتى صاروا حديث العالم، فهاهو أسعد عبد الجليل الذى لم تمنعه المسافات البعيدة من المشاركة فى صنع المستقبل، حيث سافر لمدة يومين كاملين من مدينة العيون إلى الرباط فى المغرب ليشارك فى هذا العرس الديمقراطي.
المواطن طارق محمود، لم تمنعه إعاقته البصرية من ممارسة حقه الدستورى فى المشاركة فى الانتخابات الرئاسية بمقر السفارة المصرية بالعاصمة الأردنية عمان، ليؤكد أن الوطن له حق على كل مصر، كى لا ينطفئ نورها الذى سيظل مضيئا للأبد.
أما المواطنة أنيسة عبد السيد فقد ضربت مثالا للانتماء وحب الوطن، بعدما قطعت آلاف الأميال من دولة أستونيا إلى مقر السفارة المصرية بنيويورك للإدلاء بصوتها فى الانتخابات الرئاسية، ووجهت نداء للمصريين بالنزول للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية والثأر لدماء الشهداء التى روت رمال سيناء الطاهرة، ورددت كلماتها البسيطة: «سلامى على مصر وأهل مصر ورئيس.. الله يبارك له عمر البلد بالخير».
إذا كانت تلك ملحمة المصريين بالخارج، فالعالم ينتظر الملحمة الكبرى فى محافظات مصر المحروسة، أيام 26 و27 و28 الشهر الجارى ليعطوا درسا فى الوطنية والانتماء لدول العالم، وليختاروا الأمن والاستقرار والمستقبل.