السبت 24 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
آداب موائد الإفطار

آداب موائد الإفطار






 لا شك أن رمضان هو شهر الجود والكرم والسخاء، فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون فى رمضان.
 وقد حثنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إفطار الصائمين، فقال (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْء».
وديننا دين الكرم والسخاء وإطعام الطعام بلا شك، فعن سيدنا عبد الله بن سلام (رضى الله عنه) قال: «قدم النبى (صلى الله عليه وسلم) المدينة فانجفل الناس إليه وقالوا قدم رسول الله، قدم رسول الله، فأتيته فنظرت فى وجهه فعرفت أنه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعت منه (صلى الله عليه وسلم) : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (سنن ابن ماجه).
  ولا شك أيضًا أن إطعام الطعام وإقامة موائد الإفطار إنما تجمع الأهل والأحبة والأصدقاء، وتزيد الألفة، وتزيل الوحشة، وتجمع النافر، وتؤلف بين القلوب، غير أن بعضنا قد يغفل عن آداب هذه الموائد وتلك الولائم، فيدعو إليها صفوة الأغنياء وعِلْيةَ القوم سواء من الأهل أم من غيرهم، وينسون أهل الاستحقاق الحقيقى من فقراء الأهل، وينسون الأيتام والمساكين، ومن لا حظ لهم من جاه أو مال، وقد نهانا ديننا ونبينا عن نسيان هؤلاء أو تجاهلهم أو إقامة الولائم دون دعوتهم، فقال (صلى الله عليه وسلم): «بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى إِلَيْهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ».
  وقد نعى القرآن الكريم على المشركين عدم إكرامهم لليتيم وعدم حضهم على طعام المسكين، فقال سبحانه: «كلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا»، ويقول سبحانه: «أَرَأَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ»، ويقول سبحانه فى شأن أهل النار: «مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ  قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» ويقول سبحانه: «خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئونَ».
 وقد حثت السنة النبوية على إجابة الدعوة ما لم يكن هناك إثم أو معصية، فمن دُعى فليُجب، ثم على الجميع أن يتأدب بأدب الإسلام فى عدم المبالغة أو المفاخرة أو الإسراف، أو الخروج بهذه الولائم عن مقاصدها الشرعية إلى المباهاة والمفاخرة، فذلك كله من الإسراف والتبذير المنهى عنه فى قوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقوله تعالى: « وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا».