
محمد صلاح
كابوس المونديال
فى اللحظات الأخيرة، تحول حلم التمثيل المشرف فى كأس العالم إلى كابوس أدمى قلوب الملايين، سيظل أثره عالقًا فى الأذهان سنوات طويلة، لن يمحيه إلا إنجاز رياضى جديد، قد لا يتحقق فى أمم أفريقيا أو مونديال 2022.
صفحات التاريخ تعيد نفسها، فقبل 14 عاما كانت فضيحة «صفر» تنظيم المونديال، واليوم كان «صفر» الخروج المسيء من مونديال روسيا دون الحصول على نقطة واحدة تحفظ ماء الوجه، بعد الانهيار الذى أصاب اللاعبين فى المباريات الثلاث، والفشل فى الاحتفاظ بالتعادل الإيجابى فى الديربى العربى أمام المملكة العربية السعودية.
الإحباط يعتصر القلوب، بعد الهزائم القاسية فى المباريات الودية والرسمية، التى أكدت زيف صناعة الرياضة فى مصر، والتكتيك الدفاعى الذى تبناها المدرب الأرجنتينى هيكتور كوبر، حيث دخل مرمى الفراعنة 6 أهداف فى ثلاث مباريات، فى حين كان خط الهجوم بلا أنياب أو مخالب حقيقية، فلولا النجم محمد صلاح ما أحرزنا أية أهداف، وظل مجدى عبد الغنى كابس على نفسنا.
علينا أن نتجاوز أزمة مونديال روسيا، فالخروج لا يستحق كل هذا الحزن، والوصول كأس العالم لا يستحق الفخر، فما يستحق الفخر هو المستوى الجيد للتعليم والصحة، فدولة أيسلندا أصغر دولة تشارك فى المونديال، عبارة عن جزيرة فى المحيط الأطلنطى، يبلغ عدد سكانها 340 ألف نسمة، أقل من تعداد أصغر حى من أحياء القاهرة، إلا أن ترتيبها الـ 14 بين الدول الأكثر تقدمًا والرابعة عالميًا فى مستوى إنتاجية الفرد، هذه الدولة الصغيرة نافست بشرف فى المونديال بلاعبين غير محترفين، منهم 5 أطباء ومخرج سينمائى وعازف موسيقى ومحام وسمسار عقارات، وكأنهم يريدون توصيل رسالة لدول العالم بأن كرة القدم مجرد لعبة لا تستحق التفرغ لها أو إنفاق الملايين من أجلها.
ورغم أنها مجرد لعبة لا تستحق كل هذا الحزن، إلا أن ما حدث من بعثة المنتخب فى روسيا لا يجب أن يمر دون حساب، ربما يشفى غليل الملايين، ولابد من إحالة وقائع الفساد إلى هيئة الرقابة الإدارية، ومحاسبة الجميع حتى لا تتكرر نفس المأساة، فهذا الشعب من حقه أن يفرح حتى لو من مجرد لعبة.
قطعًا، ستحقق الأجهزة الرقابية فى بيع تذاكر المونديال فى السوق السوداء، وتهديد مجدى عبد الغنى لمسئولى الاتحاد بكشف المستور، بعد استبعاده من رئاسة بعثة المنتخب على خلفية اتهامه بسرقة ملابس المنتخب، وسيمتد التحقيق فى إقامة معسكر المنتخب بمدينة جروزنى، ومرافقة الزوجات للاعبين فى غرف الإقامة، واختراق معسكر المنتخب قبل خوض مباراة روسيا من قبل مجموعة من الفنانين ورجال الأعمال ما أفقد اللاعبين تركيزهم.
الأجهزة الرقابية مطالبة بالتحقيق فى الأزمات التى لاحقت النجم محمد صلاح، والتى بدأت مع الشركة المالكة لحقوقه التسويقية بوضع صورته على الطائرة الناقلة للمنتخب بجوار شعار شركة اتصالات المنافسة للشركة التى تمتلك حقوق تسويق اللاعب، فضلا عن استغلال صلاح سياسيًا بتلبية دعوة العشاء الموجهة من الرئيس الشيشانى رمضان قاديروف والتى على هامشها تم تكريمه، ومنحه المواطنة الفخرية، مما تسبب فى إثارة وسائل الإعلام العالمية ضد اللاعب لوجود خلافات سياسية بين إنجلترا والشيشان.
هؤلاء اللاعبون الذين خذلونا لا يستحقون التكريم، ولكن ما يستحق التكريم من رفع علم مصر 23 مرة أثناء تتويج الأبطال الحاصلين على الميدليات الذهبية والفضية والبرونزية فى دورة ألعاب البحر المتوسط فى إسبانيا، رصيد مصر فى ثلاثة أيام 7 ميداليات ذهبية و7 فضيات و9 ميدليات برونزية.