السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عيدية «حبيبة»

عيدية «حبيبة»






على مدار عقود طويلة، يتفاخر أبناء الدقهلية، بأن محافظتهم رمزا للنبوغ والتفوق والتميز، فقد خرج منها علماء وسياسيون ومفكرون وفنانون، يشار لهم بالبنان، كان لهم بالغ الأثر على كل مناحى الحياة فى مصر والعالم، ولكن فى السنوات الأخيرة يدفنون رؤوسهم فى الرمال ويلاحقهم الخزى والعار، بعد تكرار جرائم أدمت قلوب الملايين من المصريين، حيث جاءت الدقهلية فى الترتيب الثانى بعد القاهرة ارتكابا لحوادث اغتصاب وقتل الأطفال التى لا ترحم براءة وضعف وتوسلات الصغار.
جرائم الاغتصاب والقتل، لا يعرف مرتكبوها معانى الرحمة والإنسانية، فهم ليسوا بشرا، بل شياطين وذئاب بشرية تجمدت الدماء فى عروقهم، لم يراجعوا أنفسهم لحظة واحدة قبل نهش براءة أطفال لا ذنب لهم فى هذه الحياة إلا أنهم وقعوا فريسة فى يد الغدر والخيانة.
الاغتصاب والقتل، من الجرائم التى يهتز لها عرش الرحمن، ولكن هذا النزيف لا يتوقف، والوباء الخطير يأبى أن ينتهى، فكلما غابت الجريمة عن الأذهان لأيام قليلة، وقعت جريمة أخرى تثير الذعر فى المجتمع، تنتهك فيها براءة الأطفال دون قدرة على المقاومة، أو وجود رادع أو وازع دينى.
 والمؤسف أن الكثير من جرائم الاغتصاب المخزية تظل طى الكتمان، إما لرعب الطفل من الإفصاح لما حدث له، أو لخوف الأسرة من الفضيحة المجتمعية، فما تم رصده من خلال أقسام الشرطة، والمركز القومى للطفولة والأمومة لا يمثل 25% من الحالات التى تتعرض للاغتصاب.
بعد مأساة «زينة» و«جنا» و«رحمة» وطفلة البامبرز» وعشرات الحالات.. كانت النهاية المأساوية فى انتظار «حبيبة» ابنة ديرب بقطارس، مركز أجا بمحافظة الدقهلية، ذات الـ6 سنوات، ليكون الاغتصاب والقتل عيديتها فى ثالث أيام عيد الأضحى.
« حبيبة».. طفلة فى عمر الزهور، خرجت مثل باقى الفتيات، تلعب وتلهو مع أقرانها أمام منزلها، مرتدية فستانها الأبيض، يكسو وجهها ابتسامة صافية بريئة.
فى وقت الظهيرة، تركها أصدقاؤها وحيدة، فانتابها حالة ملل من اللعب فى الشارع، فطلبت من والدها الذهاب إلى منزل أختها لتلعب مع الأطفال هناك، وقضاء باقى ساعات اليوم مع شقيقتها.
طرقت «حبيبة» جرس باب المنزل، ليفتح لها شقيق زوج أختها، ويخبرها أن شقيقتها ذهبت لشراء بعض الطلبات المنزلية وستعود، ثم طلب منها الدخول للعب معه لحين عودة شقيقتها، فدخلت «حبيبة» وبدلا من أن يقدم لها «العيدية» انقض عليها محاولا اغتصابها، إلا أنه وجد من الطفلة الصغيرة مقاومة عنيفة، ثم تعالت صرخاتها، وخوفا من الفضيحة قام بكتم أنفاسها ثم خنقها بحبل.
وعلى صوت استغاثات وصرخات طفلة صغيرة، حاول ذئب بشرى اغتيال براءتها، حضر زوج أختها فوجد «حبيبة» قد فارقت الحياة، فقرر أن يساعد شقيقه للتخلص من الجثة قبل وصول زوجته فوضعها فى جوال بلاستيك، وألقى بها فى ترعة بندر أجا، ولكى يضلل الأمن ويخفى معالم جريمته كان يبحث مع أسرة زوجته عن الضحية، حتى عثر مزارع على الجثمان بعد يومين من الواقعة، وبها آثار هتك عرض وخدوش وكدمات وخنق فى الرقبة».
والغريب أن 85% من جرائم اغتصاب وقتل الأطفال تأتى من أشخاص معروفين لديهم، ورغم تغليظ العقوبة إلى الإعدام، إلا أنها لم تكن رادعة، نتيجة غياب الوعى وانتشار المواد المخدرة وتدهور القيم المجتمعية والبعد عن الدين.
ولذلك فإن الأسرة مطالبة بمراعاة أطفالها وعدم تركهم فريسة ليد الغدر بالشوارع، وتوعيتهم بعدم قبول هدايا أو مأكولات من أى شخص دون الرجوع للأسرة.