الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«المحافظ الكاجوال».. و«النائمون فى العسل»

«المحافظ الكاجوال».. و«النائمون فى العسل»






 

 

40 يوما.. فترة زمنية كافية لتقييم أداء المحافظين الجدد، بعدما تعرف كل محافظ على إيجابيات وسلبيات الحيز الجغرافى الذى يديره، من خلال اجتماعاته مع المسئولين التنفيذيين، وجولاته الميدانية، ثم البحث عن حلول غير تقليدية  للمشاكل اليومية، وتقديم الخدمات المناسبة التى تليق بالمواطنين.
27 محافظا وعدد من النواب أقسموا  فى 30 أغسطس الماضى، على  أن خدمة المواطنين تتصدر أولوياتهم، والتحرك على كافة المسارات للقضاء على فساد المحليات.. حماية  أراضى الدولة من التعديات.. متابعة تنفيذ المشروعات القومية، وضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار، إلا أن عددا غير قليل من هؤلاء مازالوا يعيشون أحلام اليقظة، فأقسموا ألا يغادروا مكاتبهم المكيفة، خوفا على « كرمشة» البدلة ورابطة العنق الأنيقة، أو أن يتعرض»الحذاء الملمع» إلى الغبار والأتربة، فضلا عن أنهم حريصون على اصطحاب المواكب المهيبة، والحراسات الخاصة فى تحركاتهم اليومية، من الاستراحات الخاصة بهم أو منازلهم إلى مبنى الديوان العام، أو فى حال ما إذا تقرر القيام بجولة تفقدية «مفاجئة» معلوم خط سيرها مسبقا.
مبادرة الرئيس السيسى لإجراء أكبر مسح شامل فى تاريخ البشرية، للقضاء على فيروس «سى» والتى تستهدف الكشف على 50 مليون مواطن، كانت بمثابة طوق النجاة لبعض المحافظين «النائمون فى العسل» للظهور أمام شاشات الفضائيات، وكاميرات الصحفيين، أثناء الجولات التفقدية للمستشفيات الحكومية، وحتى الآن لم يضبط أى محافظ متلبسا بصدور قرار يحقق آمال وطموحات المواطنين،  سوى إحالة عدد من الموظفين للتحقيق، بزعم عدم الانضباط فى العمل.
المنوفية، كعادتها من المحافظات المحظوظة، وهذه المرة بتكليف اللواء سعيد عباس محافظا لها، فهذا القائد «المخضرم» استفاد من خبراته العسكرية الممتدة فى تحقيق المعادلة الصعبة، «كيف تنفذ القانون بحسم؟ وفى نفس الوقت تتعامل ببساطة وإنسانية مع المواطنين، وتستمع إلى مشاكلهم، وتتربع على عرش قلوبهم».
 ولتحقيق تلك المعادلة، حطم المحافظ الجديد «تابوهات» روتين المنصب، فتخلى عن الملابس الرسمية، وارتدى «التيشيرت» خلال تواجده بالديوان العام، وأثناء جولاته بالقرى والمدن والهيئات الحكومية، ورفض المواكب المهيبة والحراسات الخاصة، فكانت بساطته مع المواطنين، والتحدث معهم والجلوس بجوارهم، و«الطبطبة» عليهم مفتاح الفوز بقلوبهم.
على غير عادة المسئولين فى المحليات، فإن محافظ المنوفية لم يتعال أو يتكبر على المواطنين، ولم يتحدث معهم من «طراطيف مناخيره» فهو  يؤمن بأنه لا فرق بين مواطن أومسئول، وأن منصبه يقتضى الاستماع لكل مواطن، ومن حق المواطن أن يعرض مشكلاته على المسئول الأول فى المحافظة، ومن واجب هذا المسئول سرعة التحرك والتوجيه بحلها، لذلك كان اللقاء الأول مع المواطنين على « سلالم الديوان العام للمحافظة» والذى استمر لمدة 3 ساعات.
المحافظ الجديد لم يضبط متلبسا بارتداء بدلة رسمية إلا مرات معدودة، ولذلك نال لقب «المحافظ الكاجوال»، ويصر على اصطحاب وكلاء الوزارة أثناءو خلال جولاته ولقاءاته مع المواطنين فى محل إقامتهم، والجلوس معهم على حافة الترع، وتناول « الذرة المشوى» والتعرف على المشاكل التى تواجههم وإصداره توجيهاته للمسئولين بسرعة حلها.
اللواء سعيد عباس، ظاهرة جيدة نتمنى تكرارها أو استنساخها  فى باقى المحافظات، لتحقيق طفرة تنموية وتلبية احتياجات المواطنين بعيدا عن الشعارات والوعود الزائفة، فهو يسعى جاهدا لتنفيذ رؤية الدولة من خلال الاهتمام بالتعليم والصحة، حيث يقوم المحافظ  بزيارات مفاجئة إلى جميع المستشفيات لتحقيق الانضباط وتلبية احتياجات المواطنين.
قطعا.. وزير التنمية المحلية يمتلك فى هذه المرحلة « عصا سحرية» ودعما من كافة أجهزة الدولة، لإحداث طفرة من قطاع المحليات، و«كهربة» المحافظين للقضاء على الفساد، وترك المكاتب المكيفة.