
محمد صلاح
مجتمع بلا إنسانية
ليست مفاجأة، نجاح حراس الوطن فى ضبط اثنين من الذئاب المنفردة لتنظيم داعش الإرهابى، قبل دخولهما مصر فى توقيت متزامن عبر مطارى القاهرة والأقصر، وإحباط مخططات أجهزة استخبارات وتمويلات عابرة للحدود.
أمن الوطن واستقراره، يحميه أبطال الجيش والشرطة، وصقور المخابرات وجهاز الأمن الوطنى، رجال يعملون فى صمت ولا يعرفون النوم ولا يخشون الموت، يستخدمون الأساليب الحديثة لرصد التنظيمات الإرهابية وأتباعها من الذئاب المنفردة التى باتت خيارًا استراتيجيًا لتلك التنظيمات، ومن بينهم محمود عبد العزيز 24 عامًا، الذى يحمل الجنسية الألمانية إلى جانب المصرية، ويقيم بين ألمانيا والسعودية، وعيسى الصباغ 18 عامًا، ألمانى من أصل مصرى، حيث خطط الأول لدخول القاهرة عبر مطارها الدولى، بهدف الانضمام إلى العناصر الإرهابية، بينما وصل الثانى إلى مطار الأقصر الجوى، وعثر بحوزته على خرائط لسيناء، حيث توافرت معلومات تؤكد أن الشابين يعتنقان أفكار تنظيم داعش الإرهابى.
وعلى الرغم من شجاعة أبطالنا فى مواجهة التنظيمات الإرهابية فى الداخل والخارج، إلا أن المجتمع لم يستطع بعد أن يتطهر من الأفكار الداعشية المتطرفة، فالجاهلية يتوارثها الأجيال، حتى صارت عادة تتحكم فى العقول ومن ثم تنعكس على التصرفات، ولم تستطع برامج التوعية فى اختراق بؤر الجهل، أو خلخلة جمودها الإنسانى.
الفتنة دائما ما تظل نائمة، حتى يوقظها الجهلاء من أصحاب الفكر الداعشى، الذين اعتادوا سرقة فرحة المصريين، بافتتاح مسجد «الفتاح العليم» وكاتدرائية «ميلاد المسيح» أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، فما حدث فى المنيا، ما هو إلا فتنة، أشعلها متطرفون لا علاقة لهم بالدين أو التدين، فهم جهلاء توارثوا الجهل على مدار عقود طويلة.
مخطئ من يعتقد أن مجتمعنا متدين بطبعه، فهو مجتمع متطرف يفتقد لأبسط معانى الرحمة والإنسانية، فليس مقبولًا أن تصلى وتصوم وتؤدى جميع الفرائض، وتتخلى عن إنسانيتك، ولا تمد يد العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين، الباحثين عن مأوى فى هذا البرد القارس، فمن لا يزلزل وجدانه رجفة وارتعاشة فقير، فإن قلبه أشد قسوة وغلظة من إرهابى داعش، الذين يقتلون ويشردون فى بقاع المعمورة.
عار على دعاة وأئمة المساجد وقساوسة ورهبان الكنائس والأديرة، ومنظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال وجميع فئات المجتمع والمسئولين فى المحليات أن يتم العثور على جثمان السيدة منى الششتاوى 54 عامًا ممددة فى الشارع وأمام مجلس مدينة المحلة الكبرى، وقد وافتها المنية متأثرة من شدة البرد، بعدما وجدت بيوت الله قد أغلقت فى وجهها.
ما تشهده مصر الآن من موجة طقس شديدة القسوة؛ يستحق إطلاق مبادرات شعبية تشارك فيها جميع فئات المجتمع، وأن تفتح المساجد والكنائس أبوابها ملاذًا آمنًا للفقراء والمحتاجين من قسوة البرد القاتل الذى يزلزل الأبدان، وأن تمتد أيادى الرحمة والإنسانية للقطط والكلاب التى تبحث عن مأوى فى هذه الأيام الممطرة.
نعم؛ انكشفت عورات المجتمع الذى يدعى التدين، ففى أسبوع واحد، سقطت ورقة التوت، فهذا أب تجرد من إنسانيته، ومن جميع الأديان السماوية، واغتصب بناته الثلاث، وصورهن فيديو، وهددهن بالفضيحة؛ فطعن نجليه بـ 20 طعنة؛ وشاب أربعينى يضع المخدر لوالدته المسنة ثم يغتصبها ويقتلها.. هذا القليل وما خفى كان أعظم .. إنه حق مجتمع داعشى!