الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ابن ماسويه

ابن ماسويه






هو أبوزكريا يحيى بن ماسويه الخوزى البغدادى، عالم مسيحى موسوعى بالطب والنبات والصيدلة وناقل ومترجم عاش فى القرن الثالث الهجرى التاسع الميلادي، أبوه سريانى وأمه صقلبية، يعود له الفضل فى تطور العديد من العلوم فى العالم الإسلامى فى العصر العباسى الأول.
ولد ابن ماسويه فى مدينة جنديسابور بخوزستان وانتقل مع أبيه الخبير بالصيدلة إلى مدينة بغداد؛ حيث درس هناك الطب والصيدلة على يد أبيه والعلماء الآخرين مثل جبريل بن بختيشوع واتصل بكبار الأطباء والمترجمين وأتقن اللغات السريانية واليونانية والفارسية الى جانب العربية وصار من أطباء قصر الخلافة وبيمارستان بغداد كطبيب ومترجم شأنه شأن أبيه قبله فولّاه الخليفه هارون الرشيد ترجمة الكتب الطبية القديمة، وكان يقام فى قصره مجلس علم يحضره شيوخ الطب وعلماؤه يتشاورون ويتجادلون فى المسائل الطبية ومختلف العلوم مما أشاع جوا علميا فى بغداد.
وتخرج على يديه عديد من مشاهير الأطباء والعلماء منهم حنين بن اسحق واتصل بعد هارون الرشيد بخلفائه، فخدم مع أربعة منهم طبيباً وجليساً ونديماً وسميراً وهم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل فكان يسهرعلى صحتهم وقاية وعلاجا ويشرف على غذائهم حتى لا يتناولوا شيئا إلا بحضوره وأصبح عظيم النفوذ وطائل الثروة وواسع الشهرة ولعل اتصاله بالخليفة الواثق كان الأشد.
كان ابن ماسويه مهتما بعلم التشريح ومارسه على الحيوانات ومن أهمها القرود التى كان يربيها فى حديقة قصره ببغداد باعتبارها من الحيوانات القريبة التكوين من الإنسان، ومن كتبه فى هذا العلم كتاب «تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد أعضائه».
ومن إسهاماته فى علم الطب أن ابن ماسويه هو أول من تعرف على مرض السيل القرنى وهو من أمراض العيون وقد أدرك طبيعته الالتهابية، ووصف صورته السريرية وهو أقدم وصف لطبيعة هذا المرض، كما يعد ابن ماسويه أول من وضع كتابا عن مرضى الجزام، وله كتب عديدة فى الطب من أهمها “معرفة الكحالين” وهو أقدم كتاب طب عربى كتب بأسلوب السؤال والجواب وقد اختصر فيه كل أمراض العيون فى زمانه لكى يساعد طلبة الطب عند تقدمهم للامتحان لنيل لقب طبيب عيون وكتاب “دغل العين” وهو بدوره أقدم كتاب تعليمى بالعربية فى طب العيون. وفى الطب النفسى ألف كتابا عن المالينجوليا وأسبابها وفى الطب النظرى وفروعه ألف كتابا مختصرا فى معرفة أجناس الطب، وله عدة كتب أيضا فى علم الأدوية، وكتاب «ذكر خواص مختارة على ترتيب العلل» وكتاب «جواهر الطبيب المفردة بصفاتها ومعادنها» وكتاب «خواص الأغذية» وله كتاب فى علوم الأرض وهو كتاب الجواهر وأنواعها وبخاصة الماس والياقوت ومن كتبه المعروفة أيضا النوادر الطبية وكتاب الأزمنة وكتاب الحميات ولقد ترجمت هذه الكتب الى اللاتينية وطبعت عدة مرات وكتاب «الكامل فى الطب» ومنه نسختان فى المكتبة الوطنية بباريس وكتاب الأدوية المسهلة ومنه نسخة فى مكتبة أكسفورد ونسخة أخرى فى ستراسبورغ.
قال عنه ابن أبى أصيبعة فى عيون الأنباء فى طبقات الأطباء:”كان طبيباً ذكياً فاضلاً خبيراً بصناعة الطب، وله كلام حسن وتصانيف مشهورة وكان حظياً عند الخلفاء والملوك”. وصل ابن ماسويه الى مرتبة كبيرة فى مجال الطب ففى عهد الخليفة المأمون عين رئيسا لبيت الحكمة عام 830 م ، وفى مدينة بغداد أسس ابن ماسويه أول كلية للطب فى العالم الإسلامى وعاش عمره كله متنقلاً بين مدينتى بغداد وسامراء.
تُوفى ابن ماسويه فى سامراء عام 857 م، تاركاً ما يقرب من أربعين مصنفاً بين كتاب ورسالة، وتاريخ ابن ماسويه يعبرعلى عظمة الحضارة الإسلامية فى خلق جو فريد من التسامح الدينى فشارك فى هذه النهضة كل من العلماء المسلمين والمسيحيين واليهود.