الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
موائد الرحمن وشنط رمضان

موائد الرحمن وشنط رمضان






موائد الرحمن ظاهرة انتشرت وتسابق الأغنياء فى إقامتها خلال شهر الصيام، وهى من الصور المهمة فى إطاعم الطعام والتكافل بين الناس فى شهر الخير إلا أن هناك من جعلها مظهراً للفخر والمباهاة، وانحصر المستفيدون منها فى مجموعة قليلة من الفقراء وحرم منها النساء والأطفال الفقراء، كما حرم منها أصحاب الحياء ممن قال الله فيهم:)لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا).
وموائد الرحمن كما تقول بعض المصادر لها أساس عربى حينما كانوا فى الصحراء يوقدون النار ليستهدى بها الضال وابن السبيل، حتى ورد فى المثل العربي: «أشهر من نار على علم» إذ كانوا يتعمدون أن تكون الشعلة فوق الجبال لتكون اظهر لذى الحاجة بل كانوا يتفاخرون بهذا فى إشعارهم.. ولما جاء الإسلام كان بعض الصحابة لا يتناول طعامه إلا بعد أن يبعث عمن يستضيفه ليأكل معه فإذا لم يجد نوى الصيام.. ونفهم من ذلك أن هذه الظاهرة الكريمة تصلح لابن السبيل الذى انقطع عنه الزاد فى أماكن لا يتمكن فيها من وجود هذا الزائد..
ولا شك ان إقامة الموائد تعد من الأمور التى تحتاج إليها المناطق المعروفة بالفقر، واحتياج أهلها، لكن هناك صورة أخرى ظهرت حديثا مع موائد الرحمن وهى إرسال كمية من الأغذية تكفى الأسر اليتيمة والفقيرة، وتعرف باسم شنطة رمضان، وهى صورة مهمة للتكافل بشكل عملى يواكب العصر فقد يمنع الحياء من هو أشد الحاجة إلى الطعام من الذهاب إلى الموائد.
وإلى جانب الشنط الرمضانية وموائد الإفطار التى عرفت باسم موائد الرحمن فى رمضان لا بد ان تعود ثقافة الضيافة واطعام الطعام، لا سيما للجار الفقير، بحيث يقوم كل منزل بإعداد وجبة زائدة كل يوم فى رمضان يهديها لأقرب جار فقير له، لان الجار الفقير قد لا يتذوق ابناؤه أطعمة كثيرة فى شهر الصوم واصبح من الصعب ان يسأل الإنسان جاره شيئا فى أيامنا هذه لذا كانت ضيافة الجار لجاره فى رمضان بصورة كريمة أمرا محمودا.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص إن رجالاً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «أى الأمر خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم رجل مجهول فسأل نساءه جميعاً عما عندهن، فقلن: ما عندنا إلا ماء فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «من يضيف هذا الليلة» فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله وذهب الرجل إلى امرأته فسألها، هل عندك شىء فقالت: لا إلا قوت صبيانى فقال: عليهم بشىء، وإذا أرادوا العشاء فنوميهم وإذا دخل ضيفنا فاطفئى السراج وأريه أنا نأكل فقعد وأكل الضيف وناما طاويين فلما أصبح غدا على النبى صلى الله عليه وسلم فقال له: «لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة». وهكذا تكون الأريحية والكرم والإيثار.