
أ.د. رضا عوض
مهذّب الدين الدخوار
هو مهذّب الدين عبدالرحيم بن على بن حامد، طبيب عربى متميز، كان أبوه طبيباً للعيون، فبدأ حياته أيضاً كطبيب للعيون وواظب على الاشتغال والنسخ، وكتب كتباً كثيرة بِخطه قاربت نحو مائة مجلد أو أكثر فى الطب وغيره. كانت له اتصالات مع الخليفة الأيوبى العادل، الذى أُعجب به وعيّنه كطبيبه الخاص وأمين السر. عندما توفى السلطان العادل، تولّى الخلافة السلطان المعظم الذى عيّنه كرئيس البيمارستان الناصرى فى دمشق. كان الدخوار إذا تفرّغَ من البيمارستان، وافتقد المرضى من أعيان الدَولة وأكابرها وغيرهم، يأتِى إلى داره ليشرع فى القراءة والدَّرس والمطالعة والنَّسخ؛ فإذا فرغَ منه، أذِن لطلابه فيدخلون إليه ويأتى قومٌ بعد قوم من الأطبّاء والمشتغلين، وكان يقرأ كل واحد منهم درسه، ويبحث معه فيه، ويُفهِمه إيّاه بقدر طاقته، ويبحث فى ذلك مع المتميّزين منهم إن كان الموضعُ يحتاج إلى فضلِ بحث، أو فيه إشكال يحتاج إلى تحرير.
عندما استولى الابن الآخر للسلطان العادل على دمشق، عينه الأشرف ككبير مسئولى الطب فى دمشق. وقَفَ الشَّيخ الدخوار داره، وهى بدمشق عند الصاغة العتيقة، مدرسةً يُدرّس فيها من بعده صناعةُ الطب، ووقف لها ضِياعاً وعدَّة أماكن يُستغل ما ينصرف فى مصالحها، وكانت هذه الدار مدرسةً لطلاَب الطب والمدرّسين والموظَّفين، وجعل لكل واحدٍ منهم راتباً. ولا تزال هذه المدرسة، التى تُعرَف باسم المدرسة الطبية الدخوارية، أول مدرسة طبية بدمشق. للدخوار العديد من الكتب الطبية وغير الطبية منها: «اختِصار كتاب الحاوى فى الطب للرازى»، «اختِصار كتاب الأغانى الكبير لأبى فرج الأصفهانى»، «مقالة فى الاستفراغ»، «كتاب الجنينة فى الطب»، «تعليقات ومسائل فى الطب وشُكوك طبية والأجوبةَ عنها».
كان للدخوار فضل كبير على كثير من التلاميذ النابغين كإبن أبى اصيبعة وابن النفيس، مكتشف الدورة الدموية الصغرى. توفّى عام 1208م بعد معاناةٍ من المرض، تاركاً علماء نابغين وتراثاً من الطب لم تمتد إليه يد المحققين والدارسين حتى اليوم.