
محمد صلاح
«فيروس» على «شاطئ الغرام»
لا يختلف اثنان على أن العلمين الجديدة بواجهتها البحرية الممتدة 14 كيلو مترا على ساحل البحر المتوسط، وروعة وعبقرية تصميمها، وفخامة ورقى بناياتها وأبراجها ، تعد واحدة من أهم مدن الجيل الرابع، وأن الدولة لديها عزيمة وإصرار على تأسيس حضارة جديدة جنوب المتوسط تعتمد فى مكوناتها على الحداثة والإبداع، وأن تظل المدينة رئة جديدة لفئات المجتمع، بتنوعه الثقافى والحضارى، ولن تسمح للقبح والعشوائية أن يتسللا إليها خلسة مثلما حدث مع معظم المدن الجديدة، ومنتجعات الساحل الشمالى.
للأسف الشديد، زحف الإسفاف والابتذال على ما تبقى من روعة وجمال، بعدما احترف الانتهازيون والمتربحون صناعة القبح، وإفساد الذوق العام، واستنساخه دون خجل، فهناك من يتفنن فى صناعة القبح، حتى أصبح ثقافة وأسلوب حياة، وهو ما تسعى الدولة لمواجهته، فعندما اختارت محافظة مطروح « شاطئ الغرام» مكانا لتخليد اسم الفنانة ليلى مراد، لم يكن تمثالها إلا مسخا مشوها على ساحل البحر المتوسط، لا يتناسب مع قيمة ومكانة «قيثارة الغناء».
تمثال الفنانة ليلى مراد، لم يكن حالة متفردة، بل كما قلت امتداد لمخطط إفساد الذوق العام الذى شهدته البلاد بعد أحداث 2011، ولعلنا نتذكر أيضا ما حدث لتمثال الزعيم أحمد عرابى الذى تحول إلى « الرجل الأخضر»، وأيضا تماثيل نجوم السياسة والفن والثقافة وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم، ورفاعة الطهطاوى وعباس العقاد، ومصطفى كامل والخديو إسماعيل وأحمد زويل.. وغيرهم.
أعتقد أن ما يتم تقديمه من إسفاف وابتذال فى الحفلات التى تقام على مسارح منتجعات الساحل الشمالى بحضور عشرات الآلاف من الشباب والفتيات، من أبناء صفوة المجتمع، يمثل امتدادا لمخطط صناعة القبح، فهؤلاء يستغلون الفن الهابط للسيطرة على عقول الشباب بأساليب تتنافى مع مبادئ وقيم المجتمع المصرى.
مسلسل الفن الهابط، بدأ مع حفل المطربة العالمية «جنيفر لوبيز» الذى بلغت فيه سعر التذكرة 40 ألف جنيه، صحيح أنه ساهم فى الترويج لاسم مصر سياحيا، ولكنه شجع محمد رمضان «مطرب السرسجية» لإقامة حفل غنائى فى الساحل الشمالى قدم فيه كل ما هو غريب ومثير لتغييب عقول 150 ألف شاب وفتاة، دفع كل منهم 1000 جنيه للاستمتاع بـ«مافيا» و«فيروس» و«نمبر وان»، و«السلطان» و«وكزانوفا».
للأسف الشديد، نجح «حبيشة» فى استغلال الفن الهابط فى تغييب عقول الشباب، وإفساد جيل كامل، بالبلطجة والألفاظ التى تحمل إيحاءات مثيرة، فالطاووس الكاذب، دخل المسرح بسيارته «البورش» ونزل منها حاملا حقيبة وسيجارا فى فمه، ثم خلع الجاكيت ليصبح عاريا، ثم ارتدى قميصا أسود شفافا أشبه بـ«قميص غرف النوم»، بالمخالفة للتصريح الذى حصل عليه من نقابة الموسيقيين بعدم الظهور عاريا فى حفلاته الغنائية.
الجريمة التى ارتكبها «رمضان» ومن قبله «لوبيز»، شجعت تامر حسنى لإقامة حفل غنائى فى الساحل الشمالى، بلغ سعر تذكرة الشركات ورجال الأعمال 60 ألف جنيه، ونفدت بالكامل.
إذا كان ثمن التذكرة 60 ألف جنيه، فهل هؤلاء يستحقون الحصول على دعم الوقود، أو مشاركة الفئات الأولى بالرعاية فى الدعم الذى تقدمه الدولة لهم؟