
عصام رمضان
هذا الرجل احترمه
لم أكن اعرف الدكتور أسامة الباز عن قرب وكنت أرامقه من بعيد كلما زار فاروق حسنى وزير الثقافة السابق فى مكتبه وكنت على الرغم من معرفتى لمكانته الدبلوماسية والسياسية رفيعة المستوى اتعجب لتواضع الرجل الذى كان يأتى اما بسيارة متواضعة جدًا أو سيرًا على الأقدام وكنت كلما سألت عن السر فى بعد الرجل عن مظاهر البزخ شأنه شأن رفقائه فى رئاسة الجمهورية الرفاعية المتوفرة كان يأتينى الرد دائما بأنه رجل عملى يحب البساطة ويمارس حياة الزهد لإدراكه أن قيمته تكمن فى ذاته ولذلك عرف الناس قيمة أسامه الباز مجردًا من المنصب الذى يشغله كمديرًا لمكتب الرئيس للشئون السياسية وهذا ما جعله يضيف للمنصب وليس العكس.
وعلى الرغم من عدم محاولتى الإقتراب منه على الرغم من كونها أمنية كنت أصبوا إليها طوال رؤيتى لهذا الرجل البسيط وعظيم المنزله إلا أن الأقدار فرضت هذا اللقاء المباشر والوحيد فيما بيننا.
وجاء اللقاء عندما كنت أعمل سكرتيرا صحفيا لوزير الثقافة فاروق حسنى حيث كنت مرافقا له فى إحدى زياراته لعروض الأوبرا وبدأ العرض وفضلت أن أكون بالخارج لعدم ميلى العاطفى لبعض العروض الأوبرالية، المهم عندما بدأ العرض وأغلقت الأبواب فوجئت بالدكتور أسامة الباز أمامى يقف على باب صالة العرض فقمت مسرعا باخبار الوزير بوجوده فأمر الوزير بدخوله فورا وعندما ذهبت وأخبرت الدكتور أسامة الباز بضرورة تفضله بالدخول رفض الدخول بشرط أن يدخل جميع المنتظرين بالخارج وفعلا لم يدخل وظل ينتظر حتى بدأت الاستراحة وبعدها دخل العرض.. من هذه اللحظة نظرت إلى هذا الرجل بكل اكبار واحترام وعلمت أن المظاهر لا تهم دعاة الحقيقة وأن قيمة الإنسان العالم والمفكر العظيم تكمن فى مدى تواضعه وإيمانه بمبادئه وإعطاء القدوه لغيره.
والذى لا يعلمه الكثيرون من عامة هذا الشعب أن الرئيس مبارك والسياسة المصرية قد خسرت كثيرا عندما اقصت قامة سياسية كبيرة مثل الدكتور الباز ووضعه فى منطقة الظل ولكن التاريخ وضعه فى منطقه النور والاحترام والتقدير ويكفيه هذا.. رحم الله الدكتور أسامة الذى كان يعمل حقا فى صمت.