الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غزة لاتحتمل عدواناً جديداً
كتب

غزة لاتحتمل عدواناً جديداً





كرم جبر روزاليوسف اليومية : 13 - 01 - 2010


مصر هي الدولة الوحيدة التي تتحرك والآخرون صامتون


1


"أبوأحمد" هو الناطق الإعلامي باسم سرايا القدس، صدرت له تصريحات أمس تصلح أن تكون نموذجاً للخبل العقلي حيث يقول "الفصائل تعمل وفق تكتيك جديد هو عدم تمكين العدو من تحديد زمان ومكان المعركة، وأن يكون ذلك في أيدينا".


تصريحاته جاءت رداً علي التهديدات الإسرائيلية السافرة بشن هجوم جديد علي غزة "الرصاص المصبوب 2".. وأدعوكم إلي قراءة تصريحه عشر مرات، وأتحدي أن يفهم أحد منه شيئاً.
ما معني "عدم تمكين العدو من تحديد زمان ومكان المعركة"؟ وما معني أن "يكون الزمام في أيدينا".. أي معركة يتحدث عنها في مواجهة جيش يمتلك طائرات ودبابات وصواريخ ووسائل حرب إلكترونية هائلة.
2
هل يستطيع "أبوأحمد" وغيره من "الأبوهات" أن يوفروا الحماية للمدنيين في غزة إذا أقدمت إسرائيل علي عدوان جديد تهيئ له المسرح الآن.. أم سيظل يتحفنا بمثل هذا الكلام العبيط؟
هل يستطيع أن يلحق بالعدو خسائر مؤثرة، أم يدعو مقاتليه إلي الخروج بالمدافع الرشاشة في الشوارع يحتفلون بمواكب الشهداء الفلسطينيين، ويطلقون الأعيرة النارية في الهواء؟
هل يخرج إلي الميدان مع أهالي غزة الضحايا.. أم يظل مختبئاً في خندقه، يزايد ويناضل ويصدر التصريحات الكوميدية السوداء، التي لا يفهم هو نفسه معناها؟
3
منع العدوان الإسرائيلي القادم علي غزة لا يجب أن يكون بمثل هذا التهريج، ولكن باتخاذ خطوات حاسمة وفعالة ليدرك العالم كله أننا أمام كارثة إنسانية جديدة سوف ترتكبها إسرائيل.
دماء الشهداء لم تجف وأرواحهم لم تصعد بعد إلي السماء، وإذا اعتدت إسرائيل من جديد علي النساء والأطفال، فسوف تكون لعنة دائمة، تطارد العرب والمسلمين قبل إسرائيل.
تطاردهم لأنهم لا يحترفون إلا الكلام الفارغ، الذي يستخدم كستار دخان يداري خلفه أبشع الجرائم في حق الإنسانية، دون أن يتجاوز رد الفعل محطة الشجب والإدانة.
4
أين القمم العربية التي تقلّد عربة المطافئ التي تجييء بعد أن يأتي الحريق علي المكان، وهل ينتظر الزعماء العرب مذبحة جديدة مروعة في غزة يروح ضحيتها الآلاف؟
باستثناء مصر لم نسمع زعيماً عربياً واحداً، لا ملكاً ولا رئيساً ولا قائداً، يصدر تصريحاً أو بياناً أو خطبة، أو يبعث برسالة، يحذر فيها من مخاطر الحرب الجديدة علي غزة.
لم يصدر بيان صحفي أو إعلامي واحد عن أي قصر رئاسي أو ملكي يدعو إسرائيل إلي عدم الإقدام علي حرب جديدة، ويناشد العالم بالتدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين.
5
لم نسمع إلا "أبوأحمد" وبقية أصدقائه يتحدثون في الوهم، وكأنهم عجم ينطقون لغة لا يفهمها سواهم، بينما اللغة الوحيدة التي تعترف بها إسرائيل هي القوة المفرطة، التي لا يمتلك "أبوأحمد" شيئاً منها.
قد يتساءل البعض: ماذا يستطيع "أبوأحمد" ورفاقه أن يفعلوا غير تصريحات الهلاوس؟.. وأقول: إن الصمت أفضل ألف مرة.. لأن تصريحاته تستفز الصديق قبل العدو، ويسخر منها كل من يسمعها.
وقف الاستفزاز هو الخطوة الأولي، حتي لا يعطي أحد للعدو فرصة الاصطياد في الماء العكر، والزعم بأن إسرائيل في حالة دفاع شرعي عن النفس يتيح لها العدوان من جديد علي غزة.
6
وقف الاستفزاز معناه أن تراعي حماس الله في بلدها ومواطنيها وبدلاً من أن تكون شوكة في ظهر القضية الفلسطينية، ودُمية تحركها القوي الإقليمية، أن تعمل لصالح قضية فلسطين ولو مرة واحدة.
وقف الاستفزاز معناه أن تعلم حماس جيداً أنه إذا أقدمت إسرائيل علي عدوان جديد، فلن يقف إلي جوارها سوي مصر، ولن تستطيع دولة أخري أن توقف العدوان غير مصر.
لن تنفعهم إيران ولا حزب الله، وسوف يتفرجون عليها عبر الفضائيات وهم يدبجون التصريحات النضالية الهزلية علي غرار "أبوأحمد"، ورفاقه الذين كانوا وبالاً علي القضية الفلسطينية.
7
إنني أناشد عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية أن يدعو لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، اجتماع لا تصدر عنه بيانات ولكن خطة تحرك هائلة قبل وقوع الكارثة.
لابد أن يتحرك كل الأحرار في العالم، وأن توقظ الضمائر الحية حتي لا يكون رد الفعل هو الشيء الوحيد الذي تستطيعه الجامعة العربية، ويجب أن ترتفع إلي مستوي مشاعر الألم التي تشعر بها الجماهير العربية.
من المهم أن يرسل الأمين العام مندوبيه إلي كل دول العالم أمريكا وأوروبا الغربية وآسيا والصين وغيرها، وأن يحملوا رسائل شديدة اللهجة، تحذر من مغبة جريمة إسرائيلية وشيكة الوقوع.
8
أعود لتصريحات "أبوأحمد" حتي نفهم حجم الجريمة التي يرتكبها أمثاله ضد مواطنيه حيث يقول: "إن الهدنة فرصة للمقاومة لصيانة وترميم قدراتها العسكرية التي تضررت في الحرب الأخيرة علي غزة".
ويضيف "لا يمكن الاستمرار في القتال دون فترة راحة".. وهنا نسأل: هل يمكن أن تجد إسرائيل مبررات للعدوان من جديد علي غزة أفضل من مثل هذا الكلام؟
المصيبة أن هذا الرجل لو كان في إمكانه أن يحارب إسرائيل أو حتي يصمد أمامها، لاحتشدنا خلفه بلا تردد، ولكنه لا يملك حتي منع الأذي عن المدنيين.
9
الأيام المقبلة صعبة وخطيرة، لأن إسرائيل تحاول إجهاض مبادرة السلام التي تتبناها مصر، بجذب انتباه العالم تجاه الحرب الجديدة علي غزة لتبدأ بعدها القضية من قبل نقطة الصفر.
إسرائيل تلعب علي الخلافات الفلسطينية، خصوصاً ألاعيب حماس والفصائل المسلحة الأخري.. وإذا وقع العدوان لا قدر الله فسوف يقف العالم كله متفرجاً وغير مبالٍ.
مصر هي الوحيدة التي تبذل قصاري جهدها لمنع الكارثة وهي التي تتحرك حتي لا يسقط شهيد فلسطيني جديد.. ورغم ذلك يقذفونها بالطوب والحجارة.


E-Mail : [email protected]