خبير طوالع ومحلل أبراج الفضائيات!

طوال الأسبوع الماضى انشغلت الفضائيات العربية بأحوال المواطن العربى من الخليج إلى المحيط!! لم يكن اهتمام هذه الفضائيات المختلفة قاصرًا على متابعة أخبار الحراك السياسى والدماء والمظاهرات والشجب والإدانة وأحوال الفن والرياضة والاقتصاد فقط، بل تصدر المشهد أخبار الطالع والحظ والأبراج! حرصت كل محطة فضائية على استضافة خبراء وخبيرات «الأبراج» ليحدثوننا عن تنبؤاتهم وتوقعاتهم لكل برج من الأبراج الأثنى عشر!! تابعت بلهفة وشوق ورغبة عارمة خبراء وخبيرات الأبراج الذين ينتمون إلى بلاد عربية شقيقة تعانى ويلات حروب أهلية وصراعات مذهبية وأزمات سياسية ومظاهرات لا تنتهى وشعارات لا معنى لها! كل خبير أو خبيرة من هؤلاء الذين استضافتهم المحطات أتى ومعه «عدة الشغل» الخاصة به، فالبعض أتى ومعه أوراق الكوتشينة والأخرى أتت بأوراق التاروت بل إن أحدهم ادعى قراءة الطالع بواسطة القاموس!! وانفردت بعض المحطات بتقديم خدمة متميزة وفاخرة لمشاهديها، عن طريق فتح تليفونات القناة واستقبال اتصالات المشاهدين، والمشاهدات الذين يريدون معرفة طوالعهم فى العام الجديد، وهنا يبدأ الحوار بين المتصلة المشاهدة وخبيرة الطالع والأبراج فتسألها عن اسمها واسم أمها، وتاريخ ميلادها ثم تقوم بعملية حسابية بسيطة وتقول بعدها للمشاهدة: إن كوكب المشترى وزحل ونبتون فى حالة وئام مع الشمس وبلوتو وهذا معناه أنك ستحققين أحلامك العاطفية ولكنك ستعانين بعض الصعوبات المادية ابتداء من شهر يوليو وحتى آخر العام!! وفى هذه البرامج حرص كل خبير أو خبيرة على طمأنة السادة المشاهدين بكل السبل، فى أحد البرامج أكدت الخبيرة الحسناء أن أصحاب أبراج الأسد والعقرب والحوت هم الأوفر حظًا فى مجالات الحب والمال!! وقال خبير آخر إن أصحاب أبراج الجدى والدلو والجوزاء تنتظرهم مفاجآت سعيدة مادية وعاطفية طوال العام! وقالت أخرى فى محطة مجاورة أن أصحاب الثور والحمل والميزان والسرطان والعذراء والقوس هم أكثر الأبراج حظوظًا فى كل شىء!! باختصار شديد فإن كل شعوب العالم العربى التى تنتمى لهذه الأبراج الاثنى عشر تعيش حالة من الفرح والسرور والانشكاح لا نظير لها خلال العام 2020 - قولوا يا رب! لكن ما يثير تعجبك ودهشتك ذلك التناقض بين ما يعيشه المواطن العربى فى بلده من حروب وصراعات وما تخبر به الأبراج من سلام وسعادة يتمتع بها!! وبعيدًا عن كل ذلك لفت انتباهى فى أحد البرامج فقرة عن فن قراءة الطالع سواء بالكوتشينة أو الفنجان بل إن هناك مؤلفات وكتبًا عن هذا الموضوع - ولن أذكر أسماءها حتى لا تعتبر إعلانًا لها. ولا أخفيكم سرًا لقد قررت أن أدرس هذا العلم أو الفن دراسة أكاديمية وموضوعها «الفنان فى قراءة الفنجان»، أما الدكتوراة فستكون بعنوان «الإنسان وقراءة الفنجان» وبعدها سوف تنفتح أمامى أبواب الرزق فى الفضائيات، فإذا كنت قد فشلت أن أصبح خبيرًا استراتيجيًا ومحللًا إعلاميًا فسوف أنجح وأكسب عندما أصبح خبيرًا طوالع ومحلل أبراج».. وكل عام وأنتم بخير يا بتوع فضائيات الأبراج!!