الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شجرة الدر ومعركة المنصورة

شجرة الدر ومعركة المنصورة

معركة دارت رحاها فى مصر عام 1250م بين القوات  الصليبية بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا والقوات المصرية بقيادة فخر الدين يوسف. وفارس الدين قطاى الجمدار وركن الدين بيبرس البندقدارى والتى أسفرت عن هزيمة الصليبيين هزيمة كبرى منعتهم من إرسال حملة صليبية جديدة إلى مصر وكانت بمثابة البداية التى أخذت بعدها الهزائم تتوالى عليهم حتى تم تحرير كامل الشام من الحكم الصليبى. كان الموقف العسكرى قبل المعركة أن فرض المسلمون سيطرتهم الكاملة على القدس وذلك فى أكتوبر عام 1244م مما كان له صدى قوى فى أوروبا مما جعل ملوك أوروبا يدعون إلى قيام حملة صليبية كبيرة تمكنهم من استعادة بيت المقدس، وكان ملك فرنسا لويس التاسع من أكبر المتحمسين للحملة الجديدة  والذى أدرك أنه لابد من احتلال مصر حيث إنها تمثل العائق الرئيسى لاسترجاع بيت المقدس فهى مصدر القوى البشرية الرئيسى للمسلمين فكان من أهداف الحملة الصليبية السابعة، هزيمة مصر لإخراجها من الصراع والقضاء على الدولة الأيوبية التى كانت تحكم مصر والشام وإعادة احتلال بيت المقدس. وليتحقق ذلك جهز لويس التاسع الحملة بتأن فى ثلاث سنوات وحاول إقناع المغول بالتحالف معهم ضد المسلمين حتى يتمكنوا من تطويق العالم الإسلامى بضربة واحدة. وفى أغسطس 1248م أبحر لويس التاسع من فرنسا  بقيادة أسطول يضم 1800 سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم، وتوقف فى قبرص عدة أيام ثم اتجه إلى مصر، وأرسل كتابا إلى السلطان الصالح أيوب يهدده ويتوعده ويطلب منه الاستسلام وكان السلطان الصالح أيوب مريضا مرض الموت، ولكنه رفض الاستسلام، فاحتل لويس مدينة دمياط فى يونيه 1249 م، ولقد وقعت أنباء سقوط دمياط فى أيدى الصليبيين كالصاعقة على الناس وأعلن النفير العام فى البلاد فهرول عوام الناس أفواجا من جميع أنحاء مصر إلى المنصورة لأجل الجهاد ضد الغزاة، وقامت حرب عصابات ضد لويس التاسع المتحصن خلف الأسوار والخنادق وراح المجاهدون يشنون هجمات على معسكراته ويأسرون مقاتليه وينقلونهم إلى القاهرة. ويروى المؤرخ جوانفيل الذى رافق الحملة الصليبية أن المصريين كانو يتسللون أثناء الليل إلى المعسكر الصليبى ويقتلون الجنود وهم نيام ويهربون برءوسهم، ويذكر المؤرخ ابن أيبك الرودادارى أن الصليبيين يتخاوفون من العوام المتطوعين أكثر من الجنود. فى نوفمبر 1249م خرج الصليبيون من دمياط بعد أن تلقوا الدعم الكبير من دول أوروبا حتى وصلوا إلى ضفة بحر أشموم الذى يعرف اليوم بالبحر الصغير الذى كان يفصل بينهم وبين معسكر المصريين على الضفة الأخرى، ووقع قتال شديد بين الصليبيين وبين المصريين فى البر ومياه النيل وحاول الصليبيون إقامة جسر ليعبروا عليه إلى الجانب الآخر ولكن المصريين ظلوا يحطمونهم بالقذائف ويجرفون الأرض من جانبهم كلما شرعوا فى إكمال الجسر حتى تخلوا عن الفكرة، وراحت المساجد تحض الناس على الجهاد ضد الغزاة فصار الناس يتواردون من أنحاء مصر على منطقة الحرب بأعداد غفيرة. وبينما كان الصليبيون يتقدمون جنوبا داخل الأراضى المصرية توفى السلطان الصالح أيوب فى 15 شعبان 647هـ الموافق 23 نوفمبر 1249 م فأخفت زوجته شجرة الدر خبر وفاته وأدارت وقادت البلاد بالاتفاق مع الأمير فخر الدين يوسف حتى لا يعلم الصليبيون فيزيد عزمهم وحتى لا تتأثر معنويات الجيش المصرى والعوام، ونجح الصليبيون فى العبور إلى معسكر المصريين مما أدى إلى تقهقر الجيش المصرى إلى داخل مدينة المنصورة وتمكن فارس الدين قطاى من تنظيم القوات المنسحبة وإعادة صفوفها وأدارت شجرة الدر الحاكم الفعلى للبلاد المعركة ووافقت على خطة بيبرس باستدراج القوات الصليبية المهاجمة داخل مدينة المنصورة فأمر بيبرس بفتح أبواب المنصورة ويتأهب المصرييون والجنود والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام، واندفع الصليبيون إلى داخل المدينة بهدف الوصول إلى قصر السلطان، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية وهم يصيحون كالرعد القاصف وأخذوهم بالسيوف من كل جانب ومعهم العوام والفلاحون يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وقد وضع العوام على رءوسهم طاسات النحاس عوضا عن خوز الأجناد، وسد المصريون طرق العودة بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وأدركوا أنهم سقطوا فى كمين محكم داخل أزقة المدينة فألقى بعضهم بأنفسهم إلى النيل وابتلعتهم المياه.